الإعلام الرياضي في المغرب: بين التفاهة والاحترافية المفقودة
دابا ماروك
ابتليت بعض المحطات الإذاعية الخاصة في المغرب بوجود منشطين رياضيين يفتقرون إلى أبسط معايير المهنية التي يجب أن يتسم بها الإعلام الرياضي. هؤلاء المنشطون، الذين يفترض أن يكونوا حلقة وصل بين الجمهور والرياضة، يجدون أنفسهم في بعض الأحيان أبعد ما يكون عن احترافية الصحافة، وكأن هناك مسافة شاسعة تفصلهم عن المعايير الأساسية التي يجب أن يتبعها الإعلامي الرياضي. إذا كنا لا نريد أن نعمم، ونستثني قلة قليلة من الحالات التي يمكن أن تكون استثناءات، فإن الواقع يشير إلى أن المجال الرياضي في بعض المحطات الإذاعية يعاني من وجود أصوات تفتقر إلى أبسط أساسيات العمل الصحفي.
تلك الأصوات الجاهلة، التي تعتقد أن مهمتها تقتصر على الهجوم على الفرق أو الأفراد في لحظات معينة أو التطبيل والتهليل في لحظات أخرى، تصبح في النهاية عبئًا على المستمعين. نجد أن تلك التصرفات لا تعكس الوعي الرياضي أو المستوى المعرفي المطلوب من المنشط، بل تساهم في تبسيط وتعقيد الأمور على حد سواء. فبينما يفترض بالمنشط الرياضي أن يكون جسرًا للفهم والتحليل العميق للأحداث الرياضية، نجد البعض منهم يساير أسلوب المداخلات التافهة والمتهورة، وكأنهم في مقاهٍ شعبية حيث لا مكان للموضوعية أو الجدية.
المشكلة لا تكمن فقط في أسلوب التعامل مع المواضيع الرياضية، بل في إغفال الدور التثقيفي والإعلامي الذي ينبغي أن يقدمه هؤلاء المنشطون لجمهورهم. فقد أصبحنا نرى ظاهرة تكرار الهجوم على الفرق والأفراد دون تقديم تحليلات منطقية أو بناءة، ودون مراعاة للجانب الفني أو التكتيكي للمباريات. أضف إلى ذلك، أن هذه الممارسات السطحية تروج لثقافة التفاهة في الإعلام الرياضي، وتغيب النقاشات العميقة التي من شأنها أن تُسهم في تعزيز الوعي الرياضي لدى الجمهور.
المثير للاهتمام هو أن هذه الظواهر لا تقتصر فقط على الأفراد الذين يقدمون المحتوى، بل تمثل انعكاسًا للواقع الإعلامي بشكل عام، حيث أصبحت بعض المحطات الإذاعية تهتم أكثر بالإثارة والجدل على حساب تقديم محتوى رياضي غني ومتوازن. هذه الممارسات لا تضر فقط بالمجال الرياضي، بل تؤثر سلبًا على صورة الإعلام المغربي بشكل عام، وخصوصًا في ظل التوجه العالمي نحو الإعلام المهني والمتميز.
في النهاية، إن الرسالة التي يجب أن تخرج بها هذه المحطات الإذاعية والمنشطون الرياضيون هي أن الرياضة ليست مجرد موضوع للتهكم أو الإثارة السطحية، بل هي مجال يتطلب فكرًا عميقًا وموضوعية، فضلاً عن ضرورة الالتزام بمعايير الصحافة الدقيقة والاحترافية.