ليدك ترحل… والشركة الجهوية الجديدة تبدأ عهد الشفافية والمساءلة: هل سنشهد تغييرا حقيقيا؟
دابا ماروك
في سياق الانتقال من “ليدك” إلى الشركات الجهوية متعددة الخدمات، توقفت خدمة استخلاص فواتير الماء والكهرباء مؤقتاً في مدن الدار البيضاء، المحمدية، الجديدة ،سيدي بنور، برشيد، سطات وبن سليمان، على أن تستأنف لاحقاً وفقاً للنظام الجديد. تأتي هذه الخطوة بعد تطبيق قانون 83-21 المتعلق بإحداث الشركات الجهوية التي ستحل محل الشركات الأجنبية في تدبير خدمات توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل.
من بين أبرز التطورات، شراء الدولة المغربية كامل أسهم شركة “ليدك” من المالك الفرنسي “VEOLIA VIGIE”، مما يعني انتهاء التدبير المفوض الذي كان سائداً منذ 1997. وسيتم الآن الإشراف على هذه الخدمات عبر الشركات الجهوية، وهي خطوة تهدف إلى تحسين كفاءة الاستثمارات وضمان استمرار الخدمات.
بالإضافة إلى ذلك، سبق لأحد المسؤولين الفرنسيين بشركة “ليدك” أن ضُبط بمطار محمد الخامس محاولاً تهريب مبالغ مالية كبيرة دون التصريح بها، وهو ما يسلط الضوء على ضرورة محاسبة شركات التدبير المفوض بشكل صارم، لا سيما فيما يخص الذعائر المفروضة على المواطنين وتأخرات الدفع التي لم تكن تسجل في الحسابات الرسمية.
الملاحظات:
- ضبط المسؤول الفرنسي بمطار محمد الخامس: تم ضبط أحد المسؤولين السابقين في “ليدك” وهو يحمل مبلغاً كبيراً من الأموال باليورو دون الإفصاح عنه، وهو ما يُشكك في نزاهة الشركة وإدارتها.
- الصفقات والذعائر غير المسجلة: الكثير من الذعائر التي كانت تفرضها “ليدك” على المواطنين المتأخرين في دفع الفواتير، والتي تتراوح بين 50 و100 درهم، لم تكن تسجل في الحسابات الرسمية، مما يطرح تساؤلات حول الشفافية.
- إصلاحات وزارة الداخلية: وزارة الداخلية تواصل محاسبة الجماعات الترابية، ويجب أن تركز كذلك على قطاع تدبير الماء والكهرباء الذي كان يخضع للتدبير المفوض.
- القانون الجديد وأثره على التدبير: تطبيق قانون 83-21 يهدف إلى إنهاء حقبة الشركات الأجنبية التي كانت تحتكر تدبير الخدمات الأساسية، واستبدالها بشركات وطنية قادرة على تقديم خدمات بجودة وكفاءة أعلى.
بالنظر إلى ما سبق ذكره، يبدو من الضروري التوصية بمواصلة وزارة الداخلية عملية تدقيق الحسابات في قطاع تدبير الماء والكهرباء والتطهير السائل، ليس فقط من خلال مراجعة الذعائر المالية المفروضة على المواطنين، بل أيضا عبر التحقق من الصفقات التي كانت تتم في إطار التدبير المفوض. ما جرى من اكتشافات حول الأموال غير المصرح بها والتي حاول بعض المسؤولين الأجانب تهريبها إلى خارج البلاد يمثل جرس إنذار يستدعي تدقيقا شاملا ومستداما لهذا القطاع.
لا يمكن أن يقتصر عمل الوزارة على الجماعات الترابية وحدها، بل يجب أن يمتد ليشمل الشركات الجهوية متعددة الخدمات التي تم إحداثها حديثاً. فمع تولي هذه الشركات إدارة قطاعات حيوية كمياه الشرب والكهرباء والتطهير السائل، يصبح من الضروري إخضاعها لنفس المعايير الصارمة للتدقيق والمراقبة، خاصة وأن هذه الشركات ستتحمل مسؤولية تدبير ميزانيات ضخمة واستثمارات بملايين الدراهم.
إنَّ استعراض العقود والصفقات التي أبرمتها شركة “ليدك” في الماضي، ومراجعة آلية تحديد الذعائر والغرامات التي كانت تفرض على المواطنين، من شأنه أن يكشف عن أوجه قصور وفساد محتملة تستوجب التدخل الفوري لتصحيح المسار. على وزارة الداخلية أن تستفيد من تجربتها في مراقبة الجماعات الترابية، وتطبق نفس المعايير الصارمة على الشركات الجهوية، خاصة في ظل الحديث عن تجاوزات تتعلق بالعائدات التي لم تجد طريقها إلى الحسابات الرسمية.
كما أن الانتقال إلى النموذج الجديد للشركات الجهوية متعددة الخدمات، لا يجب أن يقتصر على مجرد تغيير في الإطار القانوني والشكل التنظيمي. بل ينبغي أن يصاحبه مراقبة دقيقة ومستقلة لحسابات الشركات وعقودها، مع التأكد من أن كل صفقة تتم بشفافية ووفق القوانين الجاري بها العمل.
التوصيات:
- استمرار التدقيق المالي: يتعين على وزارة الداخلية توسيع نطاق تدقيق الحسابات ليشمل الشركات الجهوية متعددة الخدمات، والحرص على مراجعة جميع العمليات المالية.
- تعزيز الشفافية في الذعائر: ضرورة التحقق من آلية فرض الغرامات على المواطنين في السنوات الماضية والتأكد من تسجيلها في الحسابات الرسمية، مع منع أي تجاوزات مماثلة في المستقبل.
- المحاسبة والمساءلة: على الوزارة العمل على تفعيل آليات المحاسبة القانونية ضد أي مسؤولين أو أطراف داخل هذه الشركات يثبت تورطهم في فساد أو مخالفات مالية.
- إصلاح القطاع كلياً: يجب أن يكون الانتقال إلى الشركات الجهوية متعددة الخدمات جزءاً من إصلاح شامل يهدف إلى تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، مع الالتزام بمبادئ الشفافية والمساءلة.