الديربي “وي كلو” بلا جمهور: مباراة بنكهة مختلفة!
دابا ماروك
يبدو أن الديربي بين النسور الخضر والوداد البيضاوي، المقرر إقامته الجمعة المقبل على ملعب العربي الزاولي، سيصبح درسًا عالميًا في فن “تنظيم مباراة كرة قدم بلا جمهور”. فرصة ذهبية لإظهار كيف يمكن للمسؤولين تحويل “إثارة الملاعب” إلى مجرد مشهد هادئ خالٍ من أصوات الجماهير وأهازيج الألتراس، تحت شعار: “مصلحة الأمن أولاً!”
لكن، لنطرح السؤال الجوهري: ما هي الجريمة التي ارتكبها جمهور الكرة المغربي ليُعاقب بهذا الحرمان القاسي؟ هل كان حضورهم يمثل تهديدًا يفوق التهديدات اليومية التي يعيشها المواطن المغربي؟ وإذا كان “الأمن” هو السبب، فهل يعني ذلك أن المنظومة الأمنية أصبحت عاجزة عن ضمان سلامة مباراة؟ عذرًا، لكن إذا كان هذا هو الواقع، فربما نحتاج إلى “وي كلو” في حياتنا اليومية أيضًا، لأن الشوارع أكثر خطورة من مدرجات الملاعب.
أما عن توقيت المباراة، فهنا قمة الابتكار! الساعة الرابعة بعد الزوال في يوم جمعة! وكأن المسؤولين يريدون اختبار قدرة المغاربة على ترك أعمالهم ومسؤولياتهم وربما حتى صلاة الجمعة ليتابعوا الديربي… من خلف الشاشات. يبدو أنهم لا يدركون أن هذا اليوم يحمل خصوصية دينية واجتماعية في المغرب، حيث يتوجه الناس للصلاة، ثم يجتمعون مع عائلاتهم.
وربما يظن المنظمون أن توقيت المباراة سيشجع الجمهور على “التفرغ” من كل الالتزامات اليومية. لكن الحقيقة أن هذا القرار يعكس انفصالًا تامًا عن واقع الناس وأولوياتهم. الجمعة هو يوم استراحة وروحانية، وليس يومًا للقرارات العشوائية.
أما الرسالة غير المباشرة فهي واضحة: “عزيزي الجمهور، كرة القدم ليست من أولوياتنا. لا تزعج نفسك بالحضور أو بالمطالبة بحقك في مشاهدة المباريات مباشرة. سنقدم لك كرة قدم بنكهة البث التلفزيوني فقط، بلا صخب، بلا حياة، وبلا روح!”
ورغم كل ذلك، لن تفقد الجماهير المغربية عشقها للكرة، ولن تمنعها قرارات “وي كلو” من التعبير عن حبها لأنديتها، ولو من على الأسطح أو النوافذ أو حتى عبر شاشات مهترئة. لأن الشغف الكروي في المغرب لا يخضع لقوانين أو قرارات، بل ينبع من قلب الشعب، حيث الكرة ليست مجرد رياضة، بل حياة.