الرأي

رأي الثلاثاء/ أكثر من أسف: مشاركة المغرب كضيف شرف في معرض الشارقة الدولي للكتاب 43

أحمد المرادي/ مدير دار التوحيدي

لم أكتب عن مشاركة المغرب كضيف شرف في الدورة 43 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب المنعقد في الفترة من 6 إلى 17 نونبر 2024.

ولم أشارك شخصيًا في دورة هذه السنة، بقرار مستقل، على الرغم من مشاركتي لعشر سنوات متتالية، ورغم مشاركة الدار التي أديرها في فعاليات المعرض.

أما وقد اختُتم المعرض يوم الأحد 17 نونبر 2024، وبعد متابعتي عن بُعد لمجريات الأمور، وعن قرب بفضل مشاركة دار التوحيدي، التي أديرها، ارتأيت، من باب الواجب، أن أعبر عن رأيي فيما يلي:

بدأ الناشرون المغاربة المشاركة المكثفة في المعرض الدولي للكتاب منذ عام 2014. وقبل ذلك، كانت تمثّل المغرب دور نشر عربية لها مقرات في المملكة، خاصة في الدار البيضاء. لكن، منذ 2014، أصبحت المشاركة المغربية مُمأسسة طيلة العقد الماضي، بفضل جهود وتفعيل ‘اتحاد الناشرين المغاربة’ حين كان موحدًا. ومع ذلك، تعرض الاتحاد لاحقًا للشرذمة والتشظي إلى ‘اتحادات’ و’جمعيات’ بسبب مصالح ضيقة لشبكات الناشرين، وضعف تقدير، وانعدام كفاءة، وفساد لدى بعض الإداريين، بالإضافة إلى حسابات منفعية صغيرة جدًا.

انتقلت مشاركة الناشرين المغاربة من مشاركة ناشر مغربي واحد قبل 2014 إلى مشاركة 16 ناشرًا مغربيًا، لتتوج هذه الدورة باحتفاء معرض الشارقة الدولي للكتاب بالمملكة المغربية كضيف شرف.

للأسف، لم يتم التشاور مع أحد، حسب علمنا، للإعداد لهذه التظاهرة الكبرى، التي توفر للوطن منصة نادرة لعرض وترويج ملامح وتنوع وغنى وتاريخ الثقافة المغربية. بل تم حصر الأمر في مساحة ضيقة من ‘المقربين’ المعلومين، من نساء ورجال.

للأسف، لم تتجاوب الوزارة عبر مديرياتها مع المراسلات التي أرسلها الناشرون والمثقفون، والتي حملت مقترحات تهدف إلى التنويع والتجديد والعدل في اختيار مكونات الوفد المغربي. بل إن بعض المصالح لم تأخذ بمبدأ إداري بسيط، وهو تأكيد التوصل بالمراسلات الرسمية من دور النشر ومن الفاعلين في القطاع من مثقفين وصناع محتوى ثقافي.

للأسف، تم إعادة تشكيل وفد المثقفين الذين مثلوا الثقافة المغربية بنفس الوجوه التي حضرت لسنوات طويلة في جميع التظاهرات، مع استثناءات تُعد على أصابع اليد. وهذا يثير تساؤلًا حول معايير الاختيار، من يختار، وما هي مؤهلات الذين يتم اختيارهم في تخصصاتهم. بل إن بعض أعضاء الوفد لا يمتلكون تخصصًا يتناسب مع مثل هذه التظاهرة الكبيرة، ثاني أكبر معرض عالمي للكتاب.

للأسف، تم صرف ميزانية كبيرة على وفد دون معرفة مخرجات مشاركتهم وأثرها على الثقافة المغربية. وقد تابعت معظم الفعاليات الثقافية للمعرض عن بُعد، وباستثناء بعض الإضاءات التي قدمها كُتّاب وكاتبات مغاربة معترف لهم بكفاءتهم، لم تكن المشاركة متميزة كما كان يُفترض.

للأسف، تُتاح للمملكة المغربية فرص كبيرة، ليس في قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية فقط، بل في كل القطاعات الأخرى، فتضيع فيها الميزانيات والفرص الحقيقية للترويج للوطن وكفاءاته ومنجزاته. يحدث ذلك بفعل سيادة المحسوبية والشبكات المصلحية، والفساد الإداري، وسوء التدبير. ويتفاقم هذا الوضع حين تتقزم مؤسسات الوساطة والتمثيلية (مثل الاتحادات والجمعيات والمراكز والغرف) للمهنيين إلى درجة الانمحاء أمام طابور الفساد والافتراس والجمود.

  بعد كل الأسف، إنني قد بلغت…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى