مجتمع

قانون حقوق الحيوان.. والنشطاء في مهمة مستحيلة للقضاء على “مافيا الكلاب الضالة”

دابا ماروك

في سابقة من نوعها، قررت مجموعة من النشطاء في مجال حماية الحيوانات تقديم ملتمس تشريعي لإقرار قانون يدافع عن حقوق الحيوان في المغرب. خطوة قد تبدو نبيلة في ظاهرها، لكنها تطرح سؤالاً ساخراً: هل يمكن لهؤلاء النشطاء القضاء على الكلاب الضالة التي احتلت شوارع المدن المغربية وأعادت تعريف مفهوم “الترييف الحضري”؟

اللجنة المشرفة، التي أنهت كل التدابير الضرورية لتقديم هذا الملتمس، تستند إلى مقتضيات القانون التنظيمي رقم 64.14 والفصل 14 من الدستور، وكأننا على وشك التوقيع على “اتفاقية جنيف للكلاب”. لكن قبل أن نحتفل بهذا الإنجاز، دعونا نتساءل: هل تخيل النشطاء كيف ستبدو مدننا بدون جيوش الكلاب الضالة؟ ألن نفتقد ذاك “الديكور الطبيعي” الذي يرافقنا في كل زقاق؟

الواقع المرير: الكلاب الضالة وترييف المدن

دعونا نتحدث بصراحة. الكلاب الضالة لم تعد مجرد مشكلة عادية، بل أصبحت “ميليشيات شوارع” تسيطر على كل حي وزقاق. إنها ليست فقط خطراً صحياً أو بيئياً، بل شريكاً استراتيجياً في عملية “ترييف” الحواضر المغربية. هذه الكلاب لا تحتاج إلى مدن نظيفة أو أحياء منظمة؛ يكفيها أن تجد بقايا طعام هنا وهناك لتقيم جمهورياتها الخاصة.

إذا كانت “حقوق الحيوان” تعني حماية الكلاب الضالة، فنحن على موعد مع مستقبل حضري أشبه بحديقة حيوانات مفتوحة. وربما قريباً سنرى إعلانات مثل: “تفضلوا بزيارة حي الكلاب الضالة.. الدخول مجاني، لكن الخروج مسؤوليتكم!”

رسالة إلى النشطاء: لا تطلبوا الدعم!

قد يأتي يوم يطالب فيه النشطاء بدعم مادي لمواجهة هذه الكلاب، لكن دعونا نكون واقعيين. في المغرب، كل شيء يحتاج إلى “دعم”، من القنينات إلى الحليب، فما بالك بالكلاب؟ نصيحة بسيطة: إياكم وطلب الدعم! لأننا سنجد أنفسنا نناقش في البرلمان ميزانية “التطعيم السنوي لعصابات الكلاب”، أو مشروع بناء “فنادق خمس نجوم للكلاب المشردة”.

هل الحل ممكن؟

الملتمس التشريعي يتحدث عن تنظيم تكاثر الحيوانات واقتنائها كحل لتجنب أخطارها الصحية. لكن من سيتحمل مهمة التفاوض مع “زعماء الكلاب” لإقناعهم بتنظيم نسلهم؟ هل سنشهد حملات توعية بين أوساط الكلاب الضالة لنحثها على التحكم في تكاثرها؟ أم ستتدخل وزارة الداخلية لتصدر “بلاغاً رسمياً” تطلب فيه من الكلاب احترام القانون الجديد؟

القيمة الحقيقية للمبادرة

لا ننكر أهمية حماية الحيوانات، فهي كائنات ذات قيمة مادية وحسية. لكن دعونا نتذكر أن المغرب يعاني من مشاكل إنسانية أكثر إلحاحاً: البطالة، التعليم، الصحة. لذا، قبل أن نضع قوانين صارمة لحماية الحيوان، ربما نحتاج إلى قوانين تحمي المواطن من “وحشية الواقع”.

ختاماً: أحلام وردية في مواجهة وافع مرير

بينما ينتظر النشطاء إحالة ملتمسهم على البرلمان، نحن نتساءل: هل سيبدأ النشطاء بمهمة القضاء على الكلاب الضالة أولاً؟ أم أننا سنستمر في مشاهدة هذا الترييف الحضري الذي يجعل من شوارعنا مسرحاً مفتوحاً لمغامرات الكلاب؟ الأيام كفيلة بالإجابة، لكن إلى ذلك الحين، لنقل “حظاً سعيداً” للنشطاء.. وربما للمغاربة أيضاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى