اقتصادمجتمع

الطماطم المغربية: ملكة دراما رمضان!

دابا ماروك

كما لو أنها نجمة مسلسل تركي طويل الحلقات، تأبى الطماطم المغربية إلا أن تكون بطلة الموسم كل عام مع اقتراب رمضان، حيث تصرّ على خلق دراما جديدة بأرقامها القياسية. فبمجرد أن يلوح الهلال في الأفق، ترتفع حرارة الطماطم في الأسواق وتنتصب على عرش الخضروات، متحدية البصل، والبطاطس، وحتى المواد التي عادةً ما تحاول سرقة الأضواء منها في هذه الفترة.

اليوم، تجوّلنا في أسواق الدار البيضاء والمحمدية، حيث المشهد كان كالتالي: أم غاضبة، تصيح أمام بائع الخضر، “8 دراهم على الطماطم؟ واش زعما عندها دبلوم مهندسة فلاحية؟”، بينما يرد البائع بكل برود: “حنا غير عباد الله، الثمن جا من الفوق”، في إشارة مبهمة إلى “السوق المركزية” أو ربما إلى قوى كونية غامضة تتحكم في الأثمنة.

لماذا رمضان؟ ولماذا الطماطم؟

قد يتساءل البعض عن سر هذه العلاقة العاطفية الغريبة بين رمضان والطماطم. الجواب بسيط: الطماطم هي العنصر السحري لمعظم الأطباق المغربية، خاصة الحريرة التي تحتل مكانة لا تنازع على موائد الإفطار. لكن يبدو أن الطماطم تدرك جيدًا قيمتها الرمزية، فتقرر الانتقام من كل سنوات الاستغلال والطبخ عبر رفع سعرها بشكل يجعلنا نعيد التفكير في أطباقنا التقليدية.

التبريرات الكلاسيكية

كالعادة، ومع كل ارتفاع صاروخي للأسعار، تُسارع الجهات الرسمية وغير الرسمية إلى تبرير الوضع:

  1. التغيرات المناخية: سيتحدثون عن موجة برد غريبة أو جفاف مفاجئ تسبب في انخفاض الإنتاج.
  2. المضاربون: سيُقال إن الوسطاء هم الشياطين الذين يرفعون الأسعار دون رحمة.
  3. السوق العالمية: نعم، حتى الطماطم المغربية تُصدر، وقد نجد تبريرات تربط أسعارها بما يجري في أسواق أوروبا وآسيا.
  4. الطلب المرتفع: طبعا، رمضان هو موسم “الطلب المجنون”، والطماطم تعلم جيدا كيف تستغل هذه الفرصة.

تأثير هذا الارتفاع على الأسر المغربية

عندما يرتفع سعر الطماطم، فإنه لا يؤثر فقط على جيوب المغاربة، بل يمتد إلى أبعد من ذلك:

  • الميزانية اليومية: أسرة متوسطة تحتاج إلى كيلوغرام على الأقل يوميًا للطهي. إذا أضفنا البصل، والبطاطس، واللحم – إن وجد – فإن فاتورة الغذاء تصبح عبئًا حقيقيًا.
  • الإبداع في المطبخ: مع كل درهم إضافي على الطماطم، يبدأ المغاربة في البحث عن بدائل. قد نجد الحريرة بحساء العدس فقط، أو “صلصة بدون روح” في أطباقنا التقليدية.

البائعون في قفص الاتهام

البائعون بدورهم ليسوا خارج الدائرة. فوسط اتهامات الاستغلال والرفع المبالغ فيه للأسعار، نجدهم يحاولون الدفاع عن أنفسهم:

  • “راني شاريها غالية من السوق”، يقول أحد الباعة، بينما ينظر إلى طماطمه التي صارت أشبه بجواهر تُعرض في زجاج شفاف.
  • “كلشي غالي، من النقل حتى الكرا”، يضيف آخر وكأنه يشرح لنا نظرية جديدة عن التضخم الاقتصادي.

الطماطم بين الواقع والسخرية

لا شك أن الطماطم أصبحت أيقونة اجتماعية في المغرب، خاصة مع حلول شهر رمضان. لكن هل فعلا المشكلة في “الطماطم نفسها”؟ أم أنها مجرد مرآة تعكس مشاكل أعمق في الاقتصاد وسلاسل التوزيع؟
ربما تحتاج حكومتنا إلى “مجلس وطني للطماطم”، يضع خططا استراتيجية لاحتواء أزمتها السنوية، وربما نحتاج إلى زرع المزيد منها في الحدائق العامة لتجنب هذه الدراما الرمضانية.

في النهاية، وكما قال أحد الواقفين في طابور طويل بسوق المحمدية: “طماطم بـ8 دراهم؟ غدا نديرها كهدية لزوجتي بدلا من الورد”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى