من نضال الشعارات إلى مهن التزوير: قيادي سابق في الحزب الاشتراكي الموحد في قلب فضيحة طنجة
دابا ماروك
طنجة، عروس الشمال ومسرح القضايا المثيرة، استيقظت على وقع قضية حيرت الرأي العام وأربكت الأوساط السياسية. القصة بدأت برجل يحمل شعارات مكافحة الفساد ويشارك في ندوات التوعية، لكنها انتهت به في قفص الاتهام بتهم تتراوح بين النصب والتزوير.
من “النضال” إلى “النصب”: انزلاقات درامية
القيادي السابق في شبيبة الحزب الاشتراكي الموحد، الذي كان يومًا يدعو للشفافية و”النقاء السياسي”، قرر أن يضيف لمسته الخاصة على الشعارات، ولكن ليس من خلال محاربة الفساد كما هو متوقع، بل من خلال “التخصص” في فن تزوير الوثائق الرسمية.
في مشهد أقرب إلى الأفلام الهزلية، قيل إن المتهم وعد أحد المواطنين برخصة كشك تجاري في منطقة “واد أليان”. يبدو أن الرجل أراد أن يحول شعارات الحزب الاشتراكي إلى فرصة عمل تجارية. ومع تقديم “الرخصة”، اكتشف المواطن البسيط أنه وقع ضحية “فن التزوير عالي الجودة”، حيث كان الخاتم والتوقيع على الوثيقة مزيفين، بل وحتى اسم الجماعة كان يحمل لمسة “إبداعية”.
كواليس القضية: دراما بأبعاد متعددة
المتهم كان مبحوثًا عنه لفترة طويلة بموجب مذكرة من الدرك الملكي، لكنه قرر أن يُظهر نفسه أخيرًا، ربما اعتقادًا منه أن مهاراته في التخفي تضاهي مهاراته في التزوير. ومع ظهوره في طنجة، لم تدم الحرية طويلًا، إذ وقع في قبضة السلطات في مشهد أشبه بمطاردة سينمائية تنتهي بانتصار “البطل” الخطأ.
لكن القضية ليست بسيطة، إذ تكشف التحقيقات عن احتمال تورطه في شبكة أوسع لتزوير الوثائق الرسمية، ما يجعلنا نتساءل: هل كان الرجل قائدًا سياسيًا أم مديرًا لمطبعة وثائق “إبداعية”؟
النيابة العامة: قائمة اتهامات بطول الطاولة
النيابة العامة لم تُظهر أي تسامح، فقد وجهت له قائمة طويلة من التهم التي تحتاج إلى ساعات لقراءتها:
- النصب الإلكتروني: يبدو أن الرجل قرر مواكبة العصر واستخدام التكنولوجيا في “مشاريعه”.
- تزييف الخواتم والطوابع الرسمية: موهبة خاصة بتحويل الطوابع العادية إلى “تحف فنية”.
- إرباك الجمهور: صنع وثائق “تشبه كثيرًا” الوثائق الرسمية لدرجة أن الموظفين أنفسهم قد يحتاجون لفحص طويل للتمييز.
الحزب الاشتراكي الموحد في موقف لا يحسد عليه
القضية لم تضرب فقط سمعة الرجل، بل وضعت الحزب الاشتراكي الموحد في موقف لا يُحسد عليه. الحزب المعروف برفعه شعارات الشفافية ومكافحة الفساد وجد نفسه أمام فضيحة لم يكن يتوقعها.
لكن في محاولة يائسة لإنقاذ ماء الوجه، أكد الحزب أن المتهم لم يعد عضوًا نشطًا في صفوفه منذ سنوات. هل هي محاولة للتنصل من القضية؟ أم أنه فعلاً قد “تقاعد” سياسيًا ليتفرغ للتزوير؟
السخرية في قلب القضية: كيف تحولت الشعارات إلى “خدمات خاصة”؟
المثير للسخرية أن المتهم كان يقف يومًا على المنصات يدعو إلى محاربة الفساد، لكن يبدو أن شعاراته كانت مجرد تدريب عملي على ما سيطبقه لاحقًا. فكرة أن شخصًا يُعرف بنضاله السياسي قد يتحول إلى “صانع وثائق محترف” تُظهر أن الواقع يمكن أن يكون أغرب من الخيال.
المبلغ المالي المطلوب للرخصة كان مجرد “تحفيز بسيط”، وربما كان الرجل يُخطط لجعل التزوير مشروعًا استثماريًا تحت شعار “التنمية الذاتية عبر التزوير الإبداعي”.
خاتمة: نهاية ساخرة لقيادي سابق
هذه القضية ليست فقط درسًا عن التحولات الغريبة لبعض السياسيين، بل هي أيضًا دعوة للجمهور للتساؤل: كم من هؤلاء “المناضلين” يخفي وجهًا آخر؟
بينما يقبع الرجل الآن خلف القضبان، ربما يتأمل في حياته السابقة ويتساءل: هل كان يستحق الأمر كل هذا العناء؟ أم أن تحويل الشعارات إلى “مشاريع مربحة” كان خطأً لا يُغتفر؟
وفي النهاية، يمكننا أن نقول إن طنجة ليست فقط عروس الشمال، بل أيضًا مسرحًا مفتوحًا لدراما سياسية-قضائية تجعل من الأحداث اليومية حكايات لا تُنسى.
تذكير بالحكم النافذ
تم الحكم على القيادي السابق في شبيبة الحزب الاشتراكي الموحد بالسجن لمدة سنتين نافذتين، بالإضافة إلى غرامة مالية قدرها 5000 درهم. كما ألزمت المحكمة المتهم بأداء تعويض مدني بقيمة مليون سنتيم لصالح المطالب بالحق المدني. هذا الحكم جاء بعد إدانته بتهم النصب والاحتيال وتزوير وثائق رسمية، في قضية أثارت الكثير من الجدل داخل الأوساط السياسية، ووضعت الحزب في موقف حرج رغم محاولته التنصل من صلة المتهم بالحزب.