![](https://i0.wp.com/dabamaroc.com/wp-content/uploads/2025/01/56b4d199-b1d5-47c5-b0fd-bf826fcab283.webp?fit=1024%2C1024&ssl=1)
منبر العبرة: عندما يُساء استخدام السلطة، تصبح الضحية هو الوطن
دابا ماروك
إستهلال:
إن الحوادث التي تمس سمعة المؤسسات الأمنية، بما في ذلك الدرك الملكي، تتطلب وقفة جادة وتفكيرًا عميقًا حول دور هؤلاء الأفراد الذين يشكلون عماد الأمن في البلاد. لكن، كما تبين من الواقعة الأخيرة في ورزازات، فإن التصرفات غير القانونية والتجاوزات من بعض عناصر الدرك الملكي قد تسهم بشكل غير مباشر في تشويه صورة الجهاز الذي يعمل على الحفاظ على النظام في البلاد. هذه الحادثة يجب أن تكون درسًا قاسيًا لكل من يسعى لاستعراض القوة والتلاعب بالسلطة دون مراعاة القوانين والضوابط التي تحكم مهامه.
القصة: بين المحضر و”واتساب“
الحكم القضائي الأخير في قضية تجاوز السرعة في ورزازات يُظهر بوضوح كيف يمكن لأخطاء بعض عناصر الدرك أن تؤدي إلى تبديد الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة. فقد تم إيقاف السائق بسبب تجاوز السرعة بنحو 16 كيلومترًا في الساعة، وتم تحرير محضر مخالفات من قبل أحد عناصر الدرك، لكن المفاجأة كانت في أن المحضر لم يُحرر من قبل الشخص الذي عاين المخالفة بالفعل، بل أُرسل عبر تطبيق “واتساب” من مسافة تصل إلى 7 كيلومترات.
تُظهر هذه الواقعة أن بعض عناصر الدرك الملكي قد يخالفون الأنظمة واللوائح في سياق تأدية واجبهم، مستغلين التكنولوجيا بشكل غير قانوني من أجل تسوية المخالفات. بينما تكون القوانين واضحة حول ضرورة تحرير المحاضر من قبل الشخص الذي عاين المخالفة مباشرة. لقد أضاف المتهم إلى القضية عنصرًا آخر، حيث قدم تسجيلًا صوتيًا ومرئيًا من لحظة إيقافه، وهو ما أظهر بجلاء أن المحضر كان باطلًا، حيث لم تتم المعاينة وفقًا للإجراءات القانونية.
الآثار السلبية على سمعة الدرك والبلاد
إن مثل هذه الحوادث لا تمس فقط سمعة الأفراد الذين يقعون في فخ الإساءة إلى السلطة، بل تمتد لتشمل سمعة جهاز الدرك الملكي بأكمله، بل والبلاد على نطاق أوسع. إن تصرفات البعض قد تُخلّف انطباعًا عامًا خاطئًا لدى المواطنين، خاصة إذا لم تتم محاسبة هؤلاء المتجاوزين بصرامة.
إن هذا التهاون أو الاستهتار بالقوانين يمكن أن يفتح بابًا واسعًا للمواطنين للتشكيك في نزاهة المؤسسات الأمنية والعدلية. فالمواطن الذي يسعى للامتثال للقوانين يرى في مثل هذه التصرفات تناقضًا صارخًا مع ما يدعو إليه النظام القانوني من احترام للمساواة أمام القانون. وبالتالي، يصبح من الضروري أن تتخذ القيادة العليا للدرك الملكي موقفًا حازمًا تجاه مثل هذه التصرفات غير القانونية.
ماذا يجب أن تفعل القيادة العليا للدرك؟
في هذه الحالة، يتعين على القيادة العليا للدرك أن تُسجّل موقفًا حاسمًا وتُظهر للعناصر الذين لا يحترمون القوانين أن ممارساتهم لن تمر مرور الكرام. يجب أن تكون هناك محاسبة صارمة لكل من استغل منصبه في تلاعب بالوظيفة العامة، أو قام باستعراض “عضلاته” أمام المواطنين دون مراعاة لأبسط قواعد الاحترام.
لابد أن تكون هناك توجيهات واضحة ومُشددة لجميع العناصر في الميدان بضرورة الالتزام التام بالإجراءات القانونية في تحرير المحاضر، وألا يُسمح لأي دركي بتجاوز القوانين أو التلاعب بها تحت أي ظرف من الظروف. على القيادة العليا أن تتعامل مع مثل هذه الحالات بكل جدية، وأن تقوم بإجراءات تأديبية فورية ضد أي عنصر يسيء إلى سمعة جهاز الدرك، بل وأن تضعهم أمام المحاكم إذا لزم الأمر.
دروس مستفادة: العمل بجدية واحترام
في النهاية، يجب أن نذكر أن مهنة الدرك ليست مجرد سلطة تنفذ الأوامر، بل هي مسؤولية كبيرة تتمثل في خدمة المواطنين، والحفاظ على الأمن والنظام. وبالتالي، فإن أي تصرف غير قانوني من بعض أفراد الدرك يعكس تقاعسًا عن أداء الواجب، ويؤثر بشكل سلبي على العلاقة بين المؤسسة الأمنية والمواطنين.
وعليه، يجب على القيادة العليا للدرك أن تكون حازمة في التعامل مع كل من يسيء استغلال السلطة أو يتهاون في أداء واجبه، وأن تجعل من هذه الواقعة درسا قاسيًا للجميع. فالمواطنون ينتظرون من جهاز الدرك أن يكون قدوة في الانضباط واحترام القانون، وأن لا يتساهل مع أي تصرفات تُلحق الضرر بسمعة الجهاز والبلاد.
في النهاية، لا يمكن أن يكون هناك مكان لللامبالاة أو الانحراف عن القوانين في مؤسسة تُعد حامية للأمن والنظام، وفي هذا السياق، يجب أن تظل القيادة العليا للدرك على أهبة الاستعداد لتطبيق أقسى العقوبات على كل من يسيء استخدام هذه السلطة، من أجل الحفاظ على هيبة الجهاز وضمان احترام المواطنين للقوانين