مجتمع

الانتحار في العالم العربي: مصر في الصدارة وشمال المغرب الأكثر تضررًا

دابا ماروك

مقدمة

يُعد الانتحار أحد أبرز التحديات الصحية والاجتماعية في العصر الحديث، حيث يودي بحياة مئات الآلاف سنويًا. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يتسبب الانتحار في أكثر من 720,000 حالة وفاة سنويًا، مما يجعله أحد الأسباب الرئيسية للوفاة عالميًا. وعلى الرغم من الجهود المبذولة للحد من هذه الظاهرة، لا تزال معدلات الانتحار مرتفعة في العديد من الدول، خاصة بين الشباب والذكور.

الإحصائيات العالمية

  • معدل الانتحار العالمي: بلغ 10.5 لكل 100,000 نسمة عام 2016، مسجلاً انخفاضًا مقارنة بـ 11.6 عام 2008.
  • التوزيع الجغرافي: تحدث 73% من حالات الانتحار في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
  • الفئات العمرية المتأثرة: الانتحار هو ثالث سبب رئيسي للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا.
  • التفاوت بين الجنسين: معدلات الانتحار بين الذكور أعلى بثلاث إلى أربع مرات من الإناث في معظم الدول.
  • المنطقة العربية: تعد مصر الدولة العربية التي تسجل أعلى عدد من حالات الانتحار، حيث بلغ العدد المسجل في عام 2016 نحو 3,799 حالة، ما يجعلها تتصدر الدول العربية من حيث معدلات الانتحار.

الوضع في المغرب

تفيد تقديرات منظمة الصحة العالمية بأن المغرب يُعدّ من الدول ذات المعدلات المرتفعة للانتحار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يصل المعدل إلى 7.2 لكل 100 ألف نسمة، ويرتفع بين الذكور إلى 9.7 لكل 100 ألف نسمة، مقابل 4.7 لكل 100 ألف نسمة لدى الإناث. ويضع هذا المغرب في المرتبة الثانية عربيًا بعد مصر من حيث معدلات الانتحار، تليه السعودية، ثم اليمن، فالسودان، فالعراق، فالإمارات العربية المتحدة، وتونس، وسوريا، وليبيا.

التوزيع الجغرافي داخل المغرب

تشير الإحصائيات المتوفرة إلى أن شمال المغرب يسجل أكبر عدد من حالات الانتحار. فبحسب رصد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لسنة 2022، والتي اعتمدت بدورها على ما تنشره الصحف والمواقع الإخبارية الإلكترونية، تم تسجيل 140 حالة انتحار موزعة كالتالي:

  • جهة طنجة تطوان الحسيمة: 67 حالة (48%)، وهي الجهة الأكثر تضررًا.
  • جهة بني ملال خنيفرة: 14 حالة (10%)
  • جهة سوس ماسة: 18 حالة (13%)
  • جهة مراكش آسفي: 12 حالة (9%)
  • جهة فاس مكناس: 9 حالات (6%)
  • جهة الدار البيضاء سطات: 7 حالات (5%)
  • جهة الشرق: 7 حالات (5%)
  • جهة الرباط القنيطرة: حالتان (1.4%)
  • جهة كلميم واد نون: حالتان (1.4%)
  • جهة العيون الساقية الحمراء: حالة واحدة (0.7%)
  • جهة الداخلة وادي الذهب: حالة واحدة (0.7%)

شفشاون: ظاهرة مقلقة

يُعتبر إقليم شفشاون الأكثر تأثرًا بهذه الظاهرة، حيث سجل 240 حالة انتحار بين عامي 2015 و2022، بمعدل حالة انتحار أسبوعيًا. وتشير تقديرات أخرى إلى أن العدد قد يكون أعلى، حيث بلغت الحالات المسجلة غير الرسمية 270 حالة خلال نفس الفترة، ما يمثل أكثر من 25% من مجموع حالات الانتحار في البلاد، رغم أن سكان الإقليم لا يمثلون سوى 1.35% من سكان المغرب وفق إحصاء 2014.

الأسباب والعوامل المؤثرة

هناك العديد من العوامل التي تساهم في انتشار ظاهرة الانتحار، من بينها:

  1. العوامل النفسية:
    • الاكتئاب والقلق المزمن.
    • اضطرابات ثنائية القطب والفصام.
    • الإدمان على المخدرات والكحول.
  2. العوامل الاجتماعية والاقتصادية:
    • الفقر والبطالة.
    • التفكك الأسري والمشكلات الزوجية.
    • التنمر والعزلة الاجتماعية.
  3. العوامل الثقافية والدينية:
    • الوصمة المرتبطة بالاضطرابات النفسية.
    • التأثيرات المجتمعية والثقافية التي تقلل من قيمة الحياة.
  4. العوامل البيئية والصحية:
    • الإصابة بأمراض مزمنة أو مستعصية.
    • الأزمات والكوارث الطبيعية والحروب.

خاتمة

الانتحار مشكلة عالمية تتطلب استراتيجيات فعالة للحد منها، سواء من خلال تعزيز الوعي المجتمعي، أو تحسين خدمات الصحة النفسية، أو اتخاذ تدابير وقائية أكثر نجاعة. في العالم العربي، تسجل مصر أعلى معدل للانتحار، بينما في المغرب، يظل التحدي الأكبر هو معالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة، خاصة في المناطق الأكثر تضررًا مثل شمال البلاد. إن تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي، والحد من الفقر والتهميش، يمكن أن يسهم بشكل كبير في الحد من هذه الظاهرة وإنقاذ الأرواح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى