مجتمع

من الشوارع إلى الشواطئ: معركة المواطنين ضد الكلاب الضالة في أكادير وغياب الحلول الحقيقية

دابا ماروك

في مشهد غريب جمع بين الهزل والقلق، انتشر مؤخراً فيديو يظهر مجموعة من الكلاب الضالة وهي تقيم “وقفة احتجاجية” على شاطئ أكادير، وهو الحدث الذي لفت الأنظار وجعل من المدينة السوسية العريقة مركزًا للجدل الإعلامي. فما كان يعتبر سابقًا مجرد مشكلة صحية بيئية تقتصر على الطرقات والأزقة، أصبح الآن تحديًا يهدد الأماكن السياحية والشواطئ التي تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم.

الكلاب الضالة لم تعد مجرد “مشكلة بيئية” تقتصر على المناطق السكنية والمناطق القروية النائية، بل أصبحت تتواجد بشكل ملحوظ في المناطق السياحية، بل على الشواطئ التي يرتادها السياح الأجانب. وهذا يطرح تساؤلاً كبيرًا حول التراخي والتقاعس الذي يُلاحظ في التعامل مع هذه الظاهرة، التي لم تعد تقتصر على القضايا البيئية فحسب، بل امتد تأثيرها إلى سمعة المدينة كمقصد سياحي.

من شوارع أكادير إلى شواطئها: تكاثر غير طبيعي
ما بدأ كحادثة نادرة أصبح مظهراً مستمراً يثير قلق المواطنين. الكلاب الضالة التي كانت تتجول في الأزقة والشوارع أصبحت الآن تحتل الشواطئ وتزعج السياح. فما الذي أدى إلى هذا الانتشار المتزايد؟ هل هو نتيجة لغياب حملات التطهير والتعقيم أو عدم تنفيذ برامج فعالة للقضاء على الظاهرة؟ أم أن تزايد أعدادها يعكس هشاشة الخطط المعتمدة من قبل السلطات المحلية؟

الأمر لا يقتصر على القلق من انتشار الأمراض التي قد تنقلها الكلاب الضالة فحسب، بل يمتد إلى التأثير السلبي على قطاع السياحة الذي يعد شريانًا اقتصاديًا مهمًا للمدينة. فكيف يمكن للمواطنين، المحليين والزوار، أن يستمتعوا بشاطئ أكادير في ظل وجود خطر حقيقي من الكلاب التي تجوب الشاطئ دون رقابة أو حماية؟

التقصير الرسمي: أين اختفى دور الجماعات المحلية؟
هنا تأتي نقطة الضعف الكبرى، وهي تقاعس الجماعات المحلية في التعامل مع هذا الوضع المتفاقم. تُعتبر أكادير واحدة من أبرز المدن السياحية في المغرب، ولا شك أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذي يتولى أيضًا رئاسة جماعة أكادير، يُفترض أن يكون في قلب هذه المعركة. لكن الواقع يختلف كثيرًا عن المتوقع. فبدلاً من أن تكون المدينة نموذجًا للمسؤولية والإدارة الفعالة، نجد أن الحلول المعلنة لمشكلة الكلاب الضالة قد تبدو وكأنها مجرد وعود جوفاء، تغرق في بحر من التبريرات البيروقراطية والتأجيلات المتكررة.

في كثير من الأحيان، يتردد الحديث عن تخصيص ميزانيات لمحاربة الظاهرة، ولكن من الواضح أن جزءًا من هذه الميزانيات يضيع في طرق ملتوية على شكل فساد أو إدارة غير فعالة. ففي غياب سياسات صارمة وتنفيذ حقيقي على الأرض، لا يجد المواطنون إلا أنفسهم في مواجهة خطر الكلاب الضالة بأنفسهم. وفي هذا السياق، تنتشر الشكوك حول نية بعض رؤساء الجماعات في “نهب” الميزانيات المخصصة للتصدي لهذه المشكلة، ما يزيد من تأزم الوضع ويترك المواطن في مواجهة معركة غير متكافئة.

هل يلتف المواطنون ضد هذه الظاهرة؟
ولكن وسط هذا الركود، يبرز الأمل في صوت المواطنين الذين بدأوا في التكتل والتوحد لمواجهة هذا التهديد الجديد. فهل سيتحد المواطنون في أكادير من أجل مطالبة الجهات المعنية بتحمل مسؤولياتها والقيام بواجباتها؟ لن تكون هذه المعركة سهلة، خاصة في ظل غياب الدعم المؤسسي واهتمام بعض المسؤولين بتجاهل هذه الظاهرة أو التقليل من أهميتها.

لكن ما يبدو أن هناك تحركًا حقيقيًا على مستوى الوعي الاجتماعي. فبعد انتشار الفيديو الأخير، يبدو أن القضية أصبحت أكثر من مجرد مشكلة صحية، بل قضية تتعلق بحماية المدينة وسمعتها. هذا الوعي المتزايد قد يؤدي إلى موجة ضغط شعبية قد تكون أكثر تأثيرًا من أي قرار حكومي بحت. ففي النهاية، لن يكون من المقبول أن تظل أكادير تحت رحمة هذه الظاهرة التي تضر بالسلامة العامة وتهدد هوية المدينة السياحية.

خاتمة: معركة استدامة ووعي
ما تحتاجه أكادير في الوقت الراهن هو أن يتوحد المواطنون معًا، سواء عبر المبادرات الشعبية أو بالضغط على المسؤولين، لتحقيق حلول جذرية لهذه الظاهرة. لا بد من التحرك الفوري، سواء عبر حملات تطهير شاملة أو برامج توعية تهدف إلى الحد من تزايد أعداد الكلاب الضالة. وفي الوقت ذاته، يجب على الحكومة أن تكون أكثر شفافية وأقل تواطؤًا في التعامل مع هذه القضية التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر.

بغض النظر عن بداية القضية الغريبة والساخرة، فإن المعركة الحقيقية ضد الكلاب الضالة في أكادير هي معركة كرامة وحماية لمستقبل المدينة، وهو ما يستوجب التنسيق والتعاون بين الجميع لحل هذه الإشكالية التي أصبحت اليوم تهدد صحة وسلامة الجميع، مواطنين وسياحًا على حد سواء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى