خارج الحدودمجتمع

ترامب ورعاة البقر: ولاية ثانية تبدأ بحملة شرسة ضد الهجرة السرية

دابا ماروك

مقدمة

بقبعته الشهيرة وجاكيت جلد مزين بشارات رعاة البقر، أطلّ دونالد ترامب في أول أيام ولايته الثانية، ليعلن من قلب تكساس انطلاقة حملته الجديدة ضد الهجرة غير الشرعية. الخطاب، الذي حمل نبرة تصعيدية غير مسبوقة، تخلله وعود بترحيل الملايين، وتشديد القيود على الحدود، واستعمال وسائل لم يسبق لها مثيل في التعامل مع المهاجرين غير النظاميين، في خطوة تكرّس نهجًا أقل لباقة وأبعد ما يكون عن احترام حقوق الإنسان.

تصعيد غير مسبوق ضد الهجرة

منذ الأيام الأولى لحملته الرئاسية، شكّل ملف الهجرة أحد أعمدة سياسات ترامب، لكن ولايته الثانية تبدو وكأنها موجهة بالكامل لمواجهة هذه القضية بأسلوب أكثر شراسة. ففي خطابه الأول، وصف المهاجرين غير الشرعيين بأنهم “غزاة”، مشددًا على أن الحل الوحيد هو “إغلاق الحدود بالقوة”، مع توجيه رسائل تحذيرية إلى الدول التي تُعدّ مصدرًا رئيسيًا للهجرة.

من بين الإجراءات التي أعلنها ترامب:

  • نشر الحرس الوطني على طول الحدود الجنوبية، مع تخويلهم صلاحيات أوسع للتعامل مع المتسللين.
  • إعادة العمل بسياسات الترحيل الجماعي التي كانت قد أُوقفت خلال الإدارة السابقة.
  • إقامة مراكز احتجاز أكثر صرامة، مع تقليص حقوق المهاجرين في الحصول على محاكمة عادلة.
  • تشديد العقوبات على المدن التي تقدم حماية للمهاجرين غير النظاميين، والتي تعرف باسم “مدن الملاذ”.
  • إقامة جدار إلكتروني على الحدود يعتمد على الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيّرة لتتبع المهاجرين المحتملين.

انتقادات حادة من الداخل والخارج

لم تمضِ ساعات على إعلان هذه السياسات حتى انهالت الانتقادات من منظمات حقوق الإنسان، التي اعتبرت أن ترامب “يدوس على كل المبادئ الإنسانية”. ووصفت منظمة العفو الدولية خطابه بأنه “تحريض مباشر على الكراهية”، بينما حذرت الأمم المتحدة من أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة على الحدود.

حتى داخل الولايات المتحدة، لم تحظَ هذه القرارات بإجماع، حيث انتقدت بعض الولايات الديمقراطية، مثل كاليفورنيا ونيويورك، ما وصفته بـ “سياسات الترهيب والتنكيل”. أما في المكسيك ودول أمريكا اللاتينية، فقد جاء الرد أكثر حدة، إذ أعلنت بعض الحكومات نيتها اللجوء إلى المحاكم الدولية لوقف تنفيذ بعض هذه الإجراءات، محذّرة من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تفاقم العنف على الحدود وزيادة نشاط عصابات التهريب.

همجية الترحيل وتقرير إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية لعام 2024:

وصفت غالبية وسائل الإعلام التي تتسم بقدر من المصداقية أن عمليات ترحيل المهاجرين إلى أوطانهم الأصلية والتي انطلقت في غفلة من الزمن، شابها سلوكا يفتقر إلى قدر كبير من احترام حقوق الإنسان والتعامل مع هذا الأخير في حدود القانون.

في سياق حملته ضد الهجرة غير الشرعية، كشفت إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية عن تقريرها السنوي لعام 2024، حيث أعلنت عن ترحيل 495 مغربيًا هذا العام ممن خرقوا قوانين الهجرة وارتكبوا أفعالًا جنائية. وقد تباينت أرقام الترحيل خلال السنوات الماضية، حيث تم ترحيل 49 مغربيًا في 2024، مقارنةً بـ 18 في 2023، و14 في 2022، و20 في 2021، و27 في 2020.

المغاربة في الولايات المتحدة:

يعيش في الولايات المتحدة حوالي 120,402 مغربيًا، يتوزعون بين عدة ولايات رئيسية:

  • نيويورك: تحتوي على أكبر عدد من المهاجرين المغاربة.
  • فلوريدا: يتمركز العديد من المغاربة في أورلاندو والمناطق المحيطة.
  • ماساتشوستس: خاصة في بوسطن والريفير.
  • هناك أيضًا تجمعات مغربية كبيرة في واشنطن العاصمة، لوس أنجلوس، شيكاغو، ميامي، وتامبا.

الختام:                                 

بينما يواصل ترامب تنفيذ سياساته المتشددة، تظل التساؤلات قائمة حول مدى قدرة هذه السياسات على الصمود أمام التحديات القانونية والاحتجاجات الشعبية. هل ستؤدي هذه الإجراءات إلى تحقيق أهدافها، أم ستتسبب في أزمة إنسانية ودولية؟ يبدو أن السنوات الأربع المقبلة ستكون مليئة بالتحديات في ملف الهجرة، الذي بات يشكل ساحة حرب سياسية بين الجمهوريين والديمقراطيين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى