المشردون في وطنهم: معاناة مستمرة وسط برد الشتاء وغياب الحلول الدائمة!
دابا ماروك
هل فكرنا يومًا في أولئك الذين تقطعت بهم السبل في وطنهم؟ في عالم يعيش فيه البشر تحت أسقف بيوتهم بأمان، توجد فئة من الناس لا مأوى لها سوى العراء. إنهم المشردون الذين يحتمون بما تيسر لهم من كراتين مهترئة أو زوايا مهجورة تحت رحمة البرد القارس والرياح العاتية. ومع حلول فصل الشتاء الذي تشتد فيه درجات البرودة، يتجدد الألم والمعاناة لهذه الفئة الهشة التي تعيش على هامش الحياة، مهمشة ومنسية.
في بلدنا، بلد الكرم والتضامن، نتشارك معهم الجنسية المغربية، ولكن الواقع القاسي يجعلهم يعيشون في عالم مختلف، بعيد كل البعد عن ذلك الكرم الذي نتغنى به. لا يمكننا إغفال حقيقة وجود آلاف الجمعيات المدنية التي تهدف نظريًا إلى تخفيف العبء عن هؤلاء الأشخاص، لكنها في أحيان كثيرة تظهر في مواسم معينة ثم تختفي، كأنما تكتفي بالتقاط الصور والتباهي بالإنجازات الزائفة.
هذه الجمعيات، مهما بلغت نواياها الحسنة، كثيرًا ما تفتقر إلى الاستدامة في مشاريعها، أو قد تكون مكبلة ببيروقراطية تعيق وصول المساعدات بشكل فعال إلى من يحتاجها بالفعل. والأكثر إثارة للأسى، هو ذلك الشعور العام باللامبالاة الذي يسود عند البعض؛ فنحن نمر على المشردين يوميًا، نراهم يتجمدون على الأرصفة، وربما نغض البصر أو نسرع الخطى، متجاهلين واقعهم.
المسألة تتطلب أكثر من مجرد جهود موسمية أو مبادرات فردية. ما يحتاجه المشردون هو خطط حكومية إستراتيجية تجمع بين الإسكان الاجتماعي، والرعاية الصحية، وإدماجهم في المجتمع ليعودوا أفرادًا فاعلين. كما يجب أن تُفعل مسؤولية المواطن الواحد تجاه أخيه المواطن، فالكرامة الإنسانية حق للجميع. لكن كيف نحقق ذلك في عالم تحكمه الحسابات الضيقة والمصالح الشخصية؟
مع تزايد معدلات الفقر والبطالة، أصبحت الأزمة أكثر تعقيدًا. وقد نرى أن الحل يكمن في إعادة التفكير في سياساتنا الاجتماعية، والعمل على وضع مشاريع دائمة توفر ملاذات آمنة لهؤلاء الأشخاص، لا مجرد استجابة مؤقتة لظروف الطقس القاسية.
بينما نجلس في بيوتنا الدافئة ونتحدث عن التضامن، هناك من يكافح من أجل البقاء، ومن يستحق أن يُسمع صوته، وأن يحظى بفرصة للعيش الكريم. هل آن الأوان لتغيير حقيقي؟ هل سنتحرك بوعي جماعي أم سنستمر في اجترار الشعارات الفارغة؟