طلبة كلية الطب والصيدلة: عندما تصبح أزمة التعليم العالي نكتة الموسم الدراسي
دابا ماروك
لم يعد أحد يتساءل عن كيفية إنهاء موسم دراسي عادي؛ فقد استبدلنا ذلك بتساؤلات وجودية حول الكيفية التي يمكن بها لحكومة بأكملها أن تجعل من التعليم العالي ساحة للاختبار الفكاهي. فبينما نحن نقترب من موعد انطلاق الموسم الجامعي الجديد، يأتي السؤال الأكثر حيرةً: “ماذا عن الموسم المنصرم 2023-2024؟” وكأننا نتحدث عن فيلم درامي قديم أصبح مشهداً لم يتقنه أحد.
في عالم يفترض فيه أن يكون التقدم مستمرًا، بدت نتائج سياسة الحكومة كأنها سخرية من مفهوم التعليم. إذ يعجز الطلبة في كليات الطب والصيدلة، والذين يقدر عددهم بـ15 ألف طالب وطالبة، عن اجتياز امتحانات الأسدسين الأول والثاني. هذا ليس مجرد فشل عادي، بل هو فشل متقن يعكس عبقرية سياسية لا تُضاهى. إن لم تكن هذه سخرية، فما هي إذن؟
الارتباك الذي يعيشه طلبة الطب والصيدلة هو في الحقيقة مجرد قمة جبل الجليد. فالحكومة، بدلاً من فتح قنوات التواصل وحل الأزمات، اختارت أن تغلق الأبواب وتبتسم في صمت. يا لها من استراتيجية رائعة! يقولون إن الصمت هو أقوى إجابة، لكن في هذه الحالة، يبدو أنه أقوى وسيلة لتفويت فرصة التأكيد على وجودهم في المشهد التعليمي.
لكن لنعد إلى الأزمات. الحديث حول ما إذا كان الطلبة سيحصلون على فرصة لإعادة امتحاناتهم أم لا، باتت مسألة جدلية تصلح لأن تكون مادة خصبة لمقالات كوميدية. فالتوقعات ليست فقط حول “رسوب الطلبة المقاطعين للامتحانات”، بل تتجلى في “إجراء دورتيْن عاديتين ودورتين استدراكيتين، شهري شتنبر وأكتوبر، وذلك لكي تظل الحكومة في حالة نادرة من الفوضى التي لا يُحتمل معها وجود أي نوع من التنسيق.
تخيّلوا معنا المشهد: وزيري التعليم العالي والصحة يجلسان في غرفة اجتماعات فاخرة، يتناولان القهوة ويشاهدان دراما الفصل الدراسي مثلما نتابع نحن أفلام الصيف. يسأل واحد الآخر”ماذا سنفعل بالطلبة الذين لم ينجحوا؟” ويجيب أحدهما ببرودة: “لا تقلق، سنقوم بإضافة دورات إضافية في شتنبر وأكتوبر.” وبينما يتبادلان الضحكات، يظل طلبة كليات الطب والصيدلة يتساءلون: “أين هو مستقبلنا؟”
أكثر ما يثير السخرية هو أن هذا كله يحدث بينما تواصل الحكومة بإصرار أن تلعب دور المتفرج في هذه المسرحية التي لم تكتمل فصولها بعد. فالصرخات التي تعلو في الشوارع والممرات الجامعية تصل إلى آذان صماء، وكأن الحديث عن أزمة التعليم العالي هو مجرد إزعاج غير مستحق في مشهد يشبه المعركة بين التقدم واللامبالاة.
في الختام، يبدو أن الحكومة قد أبدعت في جعل موسم التعليم العالي مادة مثيرة للضحك بدلًا من تقديم حلول فعّالة. فالحالة التي وصل إليها طلبة كليات الطب والصيدلة تثير الكثير من التساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على إدارة الأزمات أم أنها تختار فعلاً أن تكون اللاعب الذي يتقن فن السخرية من المواقف الجادة.
وفي النهاية، يبقى الطلبة ينتظرون بفارغ الصبر أن تأتيهم بشرى تنقذهم من هذا الكابوس الأكاديمي، بينما الحكومة تستمتع بلعب دور الضيف على مسرحية مضحكة لم يُكتب لها النجاح.