ابن حديث النعمة ونجم “البنزين” في المحمدية
دابا ماروك
تخيل شابًا طويل القامة، يرتدي ملابس تبدو وكأنها خرجت من فصل “البرستيج” لأبناء حديثي النعمة، لكنه يفضل أن يكون تحت الأضواء بدلًا من العمل الجاد. يُعرف هذا الشاب بمهارته في “السباحة في البنزين”، ليس بشكل حرفي بالطبع، لكن ربما كانت هذه هي الطريقة الوحيدة لتوضيح شغفه الغريب بالأساليب غير التقليدية.
في المحمدية، حيث يسعى الجميع لتحقيق أحلامهم بوسائل مختلفة، أصبح هذا الشاب معروفًا بحبه للظهور بجانب المسؤولين البارزين على المستوى الإقليمي من أجل تبادل أسرار البيروقراطية والتسوية.
لكن يبدو أن شهرته ليست محصورة في مجال معين؛ فهو يتنقل بين الاجتماعات والمناسبات الاجتماعية بتفوق، ويجيد “مشاركة الطعام” مع المسؤولين على أعلى المستويات، بدءًا من العامل ورئيس الأمن، وكأن هذه المناسبات هي المسرح الذي يعرض فيه مهاراته في التواجد والمراوغة.
على الرغم من أنه يعتبر أحد أبناء حديثي النعمة، فإن إنجازاته في مجال “السمسرة” لم تجلب له إشادة كبيرة من سكان المدينة؛ بل يبدو أن اهتمامه بالتواجد والظهور يثير الاستغراب أكثر من الإعجاب.
صورة هذا الشاب توحي بأنه يمثل نوعًا من الاستعراض غير التقليدي للثروة، حيث يختلط نجاحه الواضح بمهاراته في التنقل بين الأوساط الاجتماعية. بينما يعتبره البعض “ساعي بريد” للمصالح المستعصية، لا يلاحظ الكثيرون في مدينته أي قيمة حقيقية أو تأثير إيجابي له، مما يجعله موضع سخرية أكثر من كونه نموذجًا يُحتذى به.
ورغم الواجهة اللامعة التي يعرضها، فإن سكان المحمدية يعرفون أنه لا شيء، ويتساءلون بمرارة عن سبب حضوره الدائم مع كبار المسؤولين بالمدينة، وعن الدور الذي يقوم به رسميًا. هو نموذج صارخ لعملية تفاعل الثروة مع الذات في العالم المعاصر، حيث تكون الواجهة هي ما يحظى بالاهتمام، بينما تبقى القيمة الحقيقية في الخلفية غير مرئية. يتضح أن الشخص الذي يحظى بفرصة البروز بفضل وضعه الاجتماعي الجديد، لا يزال يواجه نظرات الاستهجان والريبة من المجتمع المحلي.
ويتداول معظم الناس أن علاقة هذا الشاب بالمسؤولين ليست بريئة. فهناك تلميحات وتساؤلات عن وجود علاقة مشبوهة بينه وبين المسؤولين، وهي علاقة قد تكون مبنية على المال الذي يعمي الأبصار، أكثر من كونها مبنية على أية علاقة بريئة. وقديماً قيل: “اللي فيه الفز كيقفز”، ويبدو أن هذا المثل ينطبق تماماً على حالة هذا الشاب، الذي يتردد أنه يستفيد من وضعه بطرق غير واضحة، ويستغل العلاقات للعب دور الوسيط في أمور واضحة.