مجتمع

قانون المسطرة الجنائية الجديد: مسطرة دقيقة أم مسرحية كوميدية؟

دابا ماروك

في خطوة أثارت موجة من الضحك الممزوج بالدهشة، أحالت الحكومة مشروع القانون رقم 03:23 المتعلق بتعديل قانون المسطرة الجنائية إلى مجلس النواب. هذا المشروع، الذي يُفترض أنه يعكس إرادة حقيقية لإصلاح منظومة العدالة، بات أشبه بحفلة تنكرية تحمل فيها الفعاليات الحقوقية عدسات مكبرة لتفحص “التعديلات الجوهرية” المزعومة.

المجلس وأسلوب التوزيع “الرقمي الورقي”

بحسب المادة 180 من النظام الداخلي لمجلس النواب، يتم توزيع مشاريع القوانين على النواب، ورقياً أو إلكترونياً. يبدو أن الحكومة قررت أخيراً اللحاق بركب التكنولوجيا، ولكن ليس قبل التأكد من أن كل نائب قد حصل على نسخة مطبوعة، خوفاً من أن يتوه بين الأيقونات الإلكترونية.

الجرائم الماسة بالمال العام: حصانة مقننة؟

أثارت التعديلات الجديدة موجة من الاستغراب، إذ منعت جمعيات حماية المال العام من رفع دعاوى مباشرة ضد موظفي الدولة ورؤساء الجماعات. الآن، يجب أن تمر كل دعوى عبر “الوكيل القضائي للمملكة”، وكأننا نقول للفساد: “لا تقلق، نحن نراقبك من بعيد، بكل حيادية وموضوعية!”

الدعوى العمومية: خطوات محسوبة بدقة

من الأمور المثيرة للاهتمام أن الدعوى العمومية لا تُقام إلا بإذن من الوكيل العام للملك أو بناءً على تقارير من المفتشيات العامة. وبالطبع، إذا كان الأمر “متلبساً”، فيمكن للنيابة العامة التحرك بسرعة البرق، وإلا، فلننتظر بضع سنوات من التمحيص والتدقيق.

تصريحات وهبي: كلمات مرصعة بالأمل

وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، صرّح بأن القانون الجديد هو تجسيد لإرادة سياسية صارمة. بالطبع، نحن نُثمن هذه الإرادة التي أضحت تُعرض على شاشات التلفاز أكثر من المسلسلات الرمضانية. وقال وهبي بفخر: “هذا القانون هو حجر الزاوية في تحقيق الأمن القانوني”. يبدو أن هذا الحجر قد وُضع بحذر شديد حتى لا يُزعج أحداً.

ماذا بعد؟

الجمعيات الحقوقية والمجتمع المدني يراقبون الموقف بعين ساخرة وأخرى قلقة. فبينما تُحظر عليهم مقاضاة رؤوس الفساد، يُطلب منهم في الوقت ذاته تعزيز ثقتهم في منظومة العدالة. وكأن الحكومة تقول لهم: “اطمئنوا، كل شيء تحت السيطرة، فقط دعونا نتعامل مع الأمر بطريقتنا الفريدة.”

خاتمة

مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد يُظهر بوضوح أن الإصلاح في المغرب لا يخلو من لمسة فكاهية. فبين تعديلات قانونية تُثير الجدل وتصريحات وزارية تُشعل النقاش، يبقى السؤال: هل نحن أمام قانون إصلاح حقيقي أم مجرد مسرحية قانونية جديدة؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى