الدولة تطالب بـ”إصلاح هيبتها” على حساب الطلبة: عرض كوميدي بقيمة 54 مليون سنتيم!
دابا ماروك
في مشهد كوميدي لم يكن ينقصه سوى فرقة موسيقية خلفية وكرنفال من الألوان، طالبت الدولة المغربية، ممثلة في رئيس الحكومة ووزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن الوطني والوكالة القضائية، بتعويض قيمته 540 ألف درهم (أو كما نحب أن نقول، 54 مليون سنتيم)، وذلك بحجة أن “هيبتها” تعرضت للضرر خلال محاكمة 27 طالبًا من كليات الطب والصيدلة.
هيبة الدولة… في المزاد؟
عبّر النقيب عبد الرحيم الجامعي عن دهشته، بل وربما شعوره برغبة في الضحك الممزوج بالمرارة، عندما شهد المحكمة الابتدائية بالرباط تتحول إلى منصة للمزايدات القانونية واللغوية. فالدولة التي تحب أن تبقى غامضة في تعريف نفسها اكتفت بالإشارة إليها كـ”الدولة”. هل هي دولة سحرية؟ هل تتحدث عن نفسها بضمير الغائب؟ من يدري؟
أطراف “متضررة” بتضامن مدهش
الملفت في هذه القضية أن الجميع، من وزارة الداخلية إلى المديرية العامة للأمن الوطني وحتى الوكالة القضائية، قرروا أنهم جميعًا ضحايا لنفس “الجرم”. الطلبة لم يمزقوا أوراقًا رسمية، لم يرشوا طلاءً على الجدران، لكن يبدو أن مجرد وجودهم كان كافيًا لإحداث هذا الضرر الجليل.
أين ذهب الدستور؟
المثير للسخرية أن الدولة التي تطالب بتعويض عن “هيبتها” نسيت تمامًا روح دستور 2011، الذي يفترض أنه يكرس لسيادة القانون والحقوق. بدلاً من ذلك، استخدمت هذا المصطلح الفضفاض “الهيبة”، وكأنه سلاح قانوني يهدد الجميع.
محامو الدولة… كوميديا قانونية
لن ننسى الجانب الفكاهي الإضافي الذي قدمه محامو الدولة في هذا العرض المسرحي. وصف النقيب الجامعي مذكرة دفاع الدولة بأنها “مليئة بالزلات المسطرية”، وأضاف لمسة درامية ساخرة قائلاً إن “نجاح القاضي في مهنته لا يعني نجاحه كمحامٍ”. يا له من نقد لاذع!
النتيجة: نطالب بالعقلانية قبل الملايين
في نهاية العرض، يبدو أن الدولة بحاجة إلى مراجعة نصوصها القانونية وربما حضور ورش عمل حول “كيف تستعيد هيبتك دون اللجوء إلى المحاكم”. أما الطلبة، فيكفيهم شرف أنهم أثاروا هذا الجدل وأثبتوا أن النقاش الحقيقي حول العدالة والقانون ما زال ممكنًا، حتى لو كلفهم ذلك “هيبة” ليست لهم يد في الإضرار بها.