مجتمع

من أحلام الشباب إلى خيبات المقاولات: قصة فشل شراكة بين الخريجين في الثمانينات

دابا ماروك

الاستهلال: في ثمانينات القرن الماضي، كان حلم العديد من الشباب في المغرب يتمثل في تأسيس مقاولات خاصة، مستفيدين من الفرص التي تتيحها لهم الدولة، مثل الأراضي المسترجعة والقروض البنكية. هذه الفرص كانت تمثل خطوة هامة نحو تحقيق الاستقلالية المالية والمهنية. لكن، كما يظهر في قصة مجموعة من خريجي مدرسة الهندسة الزراعية الذين حظوا بفرصة ذهبية للانطلاق في مشروع زراعي كبير، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود. فقد تحولت أحلامهم إلى سراب، وفشلت شراكتهم بسبب غياب التسيير الرشيد والاحترام المتبادل. فما الذي أدى إلى هذه النهاية المأساوية؟ وهل كان بالإمكان تجنب هذه النتيجة؟ في هذا المقال، نغوص في قصة هؤلاء الشباب الذين كان بإمكانهم أن يكونوا رواد أعمال ناجحين، لولا خيبات الأمل التي أعاقتهم في منتصف الطريق.

قصة الشباب                                          

في ثمانينات القرن الماضي، كان حلم العديد من الشباب في المغرب يتمثل في تأسيس مقاولات خاصة، مستفيدين من الفرص التي تتيحها لهم الدولة، مثل الأراضي المسترجعة والقروض البنكية. هذه الفرص كانت تمثل خطوة هامة نحو تحقيق الاستقلالية المالية والمهنية. لكن، كما يظهر في قصة مجموعة من خريجي معهد الزراعة والبيطرة بالرباط الذين حظوا بفرصة ذهبية للانطلاق في مشروع زراعي كبير بنواحي المحمدية، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود. فقد تحولت أحلامهم إلى سراب، وفشلت شراكتهم بسبب غياب التسيير الرشيد والاحترام المتبادل. فما الذي أدى إلى هذه النهاية المأساوية؟ وهل كان بالإمكان تجنب هذه النتيجة؟ في هذا المقال، نغوص في قصة هؤلاء الشباب الذين كان بإمكانهم أن يكونوا رواد أعمال ناجحين، لولا خيبات الأمل التي أعاقتهم في منتصف الطريق.

قصة الشباب الذين أسسوا مشروعًا زراعيًا في نهاية الثمانينات تعد مثالاً نموذجيًا على التحديات التي قد يواجهها العديد من المقاولين الناشئين، خاصة في البيئة الاقتصادية المغربية التي كانت في تلك الفترة تسجل تحولات جذرية. قد تبدو القصة من الوهلة الأولى نجاحًا، فقد تم التوسط لهم من قبل وزير وقتها، مما أتاح لهم فرصة الحصول على أراضٍ محصورة في إطار الأراضي المسترجعة، فضلاً عن قرض بنكي منفوخ من القرض الفلاحي. هذا التسهيل في البداية كان يعدّ أرضية جيدة للانطلاق، لكن كما نعلم، العديد من المشاريع قد تبدأ مع طموح كبير ثم تتراجع بسبب عدة عوامل.

أول هذه العوامل هو سوء التسيير المالي والإداري. عندما يكون المبلغ المالي كبيرًا للغاية مقارنة بالإدارة السليمة، قد يحدث تصرف غير مسؤول في الميزانية، مثلما حدث في حالة هؤلاء الشباب الذين صرفوا القرض في “ليالي الحلمية” كما تسميها. مثل هذا التصرف يفضي إلى تراجع القدرة على الالتزام بالخطط الأصلية التي تم وضعها، وقد تؤدي إلى مشاكل كبيرة مع البنوك، وتفاقم الأوضاع المالية.

العامل الثاني يتمثل في الخلافات الشخصية بين الشركاء. هذه الخلافات قد تتطور إلى نزاعات حادة، كما في الحالة التي ذكرته حيث “تفرّقوا” وانتهى المشروع في منتصف الطريق. في المقاولات الصغيرة والمتوسطة، تتسم العلاقة بين الشركاء بطابع شخصي وعاطفي أحيانًا، مما يجعل التعاون والتنسيق بينهما صعبًا خاصة عندما تتداخل الطموحات الشخصية مع الأهداف المشتركة.

إن التنافس الداخلي على الموارد، مثل “الطلبات” أو عقود العمل، غالبًا ما يخلق توترات ويدفع بعض الأفراد للاستحواذ على الحصة الأكبر من هذه الموارد. هذا يؤدي في الغالب إلى تفكك المجموعة الأصلية للمشروع، كما حدث مع هؤلاء الشباب الذين انتقلوا إلى كندا، تاركين وراءهم مشكلة غير محلية تتعلق بالفشل الاجتماعي والاقتصادي، على الرغم من إمكانات المشروع الكبير.

أما بالنسبة للعامل الأهم الذي يساهم في فشل بعض المقاولات الصغيرة، فهو غياب الخبرة والتوجيه المهني الكافي. ففي العديد من الحالات، يُفترض أن أصحاب المشاريع الذين ينشئونها بدون استشارة متخصصة أو دعم استشاري كاف، قد يواجهون صعوبات كبيرة في التعامل مع القضايا المعقدة مثل الضرائب، والامتثال للقوانين، والعلاقات مع الموردين، والعملاء، وكذلك العمال.

الاستفادة من الخبرات السابقة وتعلم كيفية التعامل مع التحديات الاقتصادية والإدارية هو ما قد يكون الفرق بين النجاح والفشل في المقاولات. القصص مثل هذه تبرز حقيقة أن النجاح ليس مجرد قدرة على الحصول على الموارد، بل يعتمد بشكل أساسي على كيفية إدارة هذه الموارد وكيفية التعامل مع العلاقات الداخلية والخارجية.

إن الفشل ليس بالضرورة نهاية الطريق، لكنه فرصة للتعلم. كثير من الذين فشلوا في مشاريعهم يمكنهم الاستفادة من تجاربهم في المستقبل، حيث قد تكون التجربة الفاشلة بداية لتوجه جديد أكثر نضجًا، إذا ما استوعبوا الدروس واستفادوا من أخطائهم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى