السكن غير اللائق في المغرب: تحديات العدالة الاجتماعية وآثار كأس العالم 2030
دابا ماروك
الاستهلال:
في وقت يستعد فيه المغرب لاستضافة كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، يظل ملف السكن غير اللائق أو “مدن الصفيح” من أبرز القضايا الاجتماعية التي تشغل بال المواطنين والمراقبين على حد سواء. وسط جهود الدولة للقضاء على هذه الأحياء وتوفير سكن لائق للمواطنين، يبقى العديد من المغاربة يواجهون تحديات كبيرة في الحصول على بدائل مناسبة لمساكنهم الصفيحية. هذه الإشكالية تثير تساؤلات حول العدالة الاجتماعية، وتسلط الضوء على الفجوة بين السياسات الحكومية والواقع المعيشي للمواطنين، خاصة في سياق التحضيرات الكبرى للمونديال.
- مشكلة السكن غير اللائق ومدن الصفيح:
تعد مدن الصفيح أو الأحياء العشوائية واحدة من أبرز التحديات الاجتماعية التي يعاني منها المغرب. وتعود هذه الظاهرة إلى عقود من الزمن حيث كان هناك نمو سكاني سريع وتزايد في الهجرة الداخلية من المناطق القروية إلى المدن الكبرى. هذا النمو السريع فاق قدرة المدن على توفير السكن اللائق للمواطنين، مما أدى إلى ظهور هذه الأحياء التي تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية مثل الكهرباء، الماء الصالح للشرب، الصرف الصحي، وغيرها من الخدمات الحيوية.
السكن غير اللائق أصبح مشكلة بنيوية وعميقة تتطلب حلولاً شاملة لا تقتصر على مجرد بناء وحدات سكنية جديدة، بل تشمل تحسين ظروف الحياة في هذه الأحياء، مع توفير فرص العمل والتعليم والخدمات الصحية للمواطنين الذين يعيشون في هذه الظروف الصعبة.
- الحملة الوطنية لمكافحة السكن غير اللائق:
في السنوات الأخيرة، بدأ المغرب في إطلاق حملات حكومية تهدف إلى القضاء على الأحياء الصفيحية وتحسين ظروف السكن بشكل عام. هذا يشمل مشاريع ضخمة تهدف إلى توفير سكن اجتماعي بديلاً للعديد من الأسر التي تعيش في هذه الأحياء. ولكن للأسف، عملية الانتقال من السكن الصفيحي إلى سكن لائق غالبًا ما تتم على مراحل، ويشوبها العديد من الإشكاليات.
من أبرز المشاكل التي تظهر في هذا السياق هي تأخر إنجاز المشاريع المقررة، والظروف القاسية التي قد يواجهها السكان أثناء عملية الانتقال. ففي بعض الأحيان، يتم إخلاء العائلات من مساكنها دون توفير بدائل فورية أو مناسبة، وهو ما يؤدي إلى شعور بالظلم والإحباط، كما هو الحال مع المواطن الذي طالب بسحب الجنسية المغربية.
- ردود فعل المواطنين وتأثير هذه السياسات:
الاحتجاجات والشكاوى من المواطنين المتضررين من عمليات النقل أو الترحيل القسري ليست بالأمر الجديد. فهناك من يشعرون أن الدولة لم تفِ بتعهداتها، خاصة فيما يتعلق بتوفير بديل لائق وفي الوقت المحدد. البعض قد يرى أن هذه السياسات تستهدف فقط تحسين الصورة العامة للبلاد في الساحة الدولية، خاصة في إطار التحضير لاحتضان المغرب لكأس العالم 2030، حيث ستكون الأنظار موجهة بشكل كبير إلى كيفية إدارة البلاد لمواردها وتقديم خدماتها.
من جانب آخر، يمكن للمواطنين الذين يواجهون مشاكل في الحصول على سكن بديل أن يشعروا بالخذلان وأن الدولة لم تعطيهم الأولوية، مما يؤدي إلى حالات من الاستياء قد تصل إلى حد المطالبة بحقوقهم بما فيها المطالبة بسحب جنسيتهم، كما هو الحال في المثال الذي ذكرناه.
- الارتباط بكأس العالم 2030:
من المؤكد أن استضافة كأس العالم 2030 تمثل فرصة ذهبية للمغرب من أجل تحسين بنيته التحتية وتطوير قطاع السياحة. لكن هناك خوف من أن تعكس هذه المناسبة صورة سلبية عن حياة المواطنين في الأحياء الفقيرة والعشوائية، وخاصة إذا ظهرت صور لهذه الأحياء عبر وسائل الإعلام الأجنبية. قد يؤدي ذلك إلى تشويه الصورة العامة للمغرب، وهو ما قد يؤثر سلبًا على سمعة البلاد في أعين السياح والمستثمرين الأجانب.
وعلى الرغم من أن المغرب قد بدأ في تنفيذ العديد من المشاريع الرائدة في مجال تطوير البنية التحتية في المدن الكبرى، إلا أن هناك حاجة إلى تسريع وتيرة الإصلاحات لتجنب أي مشاهد قد تضر بسمعة البلاد على المستوى الدولي.
- التحديات المستقبلية:
تظل مشكلة السكن غير اللائق واحدة من أبرز التحديات التي تواجهها الحكومة المغربية. على الرغم من أن هناك وعيًا متزايدًا بالحاجة إلى حلول جذرية ومستدامة، إلا أن الواقع يظل يعكس وجود فجوات كبيرة بين الخطط الحكومية والتنفيذ الفعلي على الأرض. من هنا، فإن توجيه الجهود لتطوير مشاريع سكنية في الوقت المحدد، مع مراعاة احتياجات السكان المتضررين وتقديم بدائل ملائمة، يعد أمرًا بالغ الأهمية.
خلاصة:
ما يعيشه المواطن المغربي من إحساس بالظلم بسبب الترحيل من السكن الصفيحي في ظل غياب البدائل الملائمة هو جزء من أزمة أوسع تتعلق بالعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة. وبالنظر إلى التحضيرات للمشاركة في كأس العالم 2030، فإن المغرب بحاجة إلى إعادة النظر في أولوياته والتأكد من أن الوعود التي يقدمها للسكان في هذا المجال ليست مجرد شعارات ووعود عرقوبية، بل يتم تنفيذها بشكل يضمن تحسين ظروف الحياة للجميع، خاصة في المناطق الأكثر هشاشة.