الجبهة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية: التكتل الجديد أم لعبة الكراسي الموسيقية؟
دابا ماروك
في مشهد يليق بسلسلة كوميدية لا تنتهي، طفت على سطح الحياة النقابية بالجماعات الترابية “الجبهة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية”، معلنة عن ولادة تكتل جديد يحمل في جعبته أملاً كاذبًا ومطالب قديمة بحلة جديدة.
تأسيس الجبهة، الذي تزامن مع صراخ النقابات التقليدية في دهاليز الانتظارية، كان أشبه بحفلة عائلية تتنافس فيها التنسيقيات الوطنية لحاملي الشهادات، موظفي الحالة المدنية، والخريجين الإداريين على من يحتل مكان الصدارة في الصفوف الأمامية. وها نحن أمام مشهد جديد: الكل ينادي بتفعيل الديمقراطية التشاركية، بينما يختفي الحس التشاركي عندما يتعلق الأمر بامتيازات زعماء هذه التنسيقيات.
بلاغات على ورق ومطالب في الريح
نقابات الجماعات الترابية لم تكن سوى ماكينات إنتاج بلاغات تنسيقية تندد وتؤجل، ثم تندد مجددًا، وكأن الحوار الاجتماعي قطاعيًّا أصبح مجرد مسرحية عبثية تُعرض للجمهور مع نهاية كل أسبوع. وهكذا، ومع كل جلسة مؤجلة، يكبر الإحساس بأن الشغيلة الترابية ضاعت في دهاليز لعبة الانتظار.
بودالي: “إقصاء” أم سيناريو معتاد؟
بودالي، رئيس الجمعية الوطنية لموظفي الجماعات الترابية، بدا متألماً بسبب “إقصاء” جمعيته من جلسات الحوار، مستشهداً بالدستور والخطب الملكية وكأنها عصا سحرية تُخرج الحمام من القبعة. لكن الحقيقة أن إقصاء الفاعلين الحقيقيين في الميدان أصبح جزءًا من تقاليد الحوار القطاعي: حضور الواجهة وغياب الجوهر.
الاستقلالية النقابية المفقودة
في تصريحاته النارية، لم يتوان بودالي عن تسديد سهامه نحو النقابات، متهماً إياها بأنها أصبحت مجرد “أطراف ديكورية” لا تتحرك إلا بإشارة من الأحزاب السياسية التي تعزف ألحانها. ربما كان بودالي يشير، من باب الطرافة، إلى أن هؤلاء النقابيين لا يعرفون حتى نوع القهوة التي يشربها موظفو الجماعات الترابية، فكيف لهم أن يعرفوا مشاكلهم الحقيقية؟
هل ستُحدث الجبهة الفرق؟
المتفائلون قد يرون في هذا التكتل الجديد بارقة أمل، بينما الواقعيون يتوقعون أن تُضاف الجبهة إلى قائمة اللاعبين في لعبة الكراسي النقابية. ما نعلمه يقينًا هو أن المسرحية مستمرة، والجمهور ينتظر فصلًا جديدًا مليئًا بالمطالب المؤجلة، الاحتجاجات الرمزية، وبلاغات التنديد اللامتناهية.
في النهاية، يبدو أن موظفي الجماعات الترابية عالقون بين سندان نقابات لا تعرف سوى الانتظار ومطرقة تكتلات جديدة قد لا تكون سوى نسخ مكررة بحلة أكثر “حداثة”. ومع كل هذا، يبقى السؤال: هل سنشهد يومًا فصلًا تنتهي فيه هذه المسرحية الطويلة؟