محاكمة طلبة الطب في المغرب: عندما تتحول المطالب إلى تهم والعلم إلى دفاع قانوني!
دابا ماروك
في فصْلٍ من المسرحية الواقعية التي لا تنتهي في المغرب، أصدرت المحكمة الابتدائية بالرباط حكمًا بالبراءة لصالح 27 طالبًا من طلبة الطب. هؤلاء الشباب، الذين اختاروا طريق الطب لإنقاذ الأرواح، وجدوا أنفسهم متهمين بالعصيان، عدم الامتثال لأوامر السلطة، والتجمهر غير المرخص، وكأنهم يقودون حركة تمرد طبي لتغيير النظام الصحي!
حبكة القضية: مشهد عبثي أم تراجيديا مغربية؟
ما كان يمكن أن يكون حوارًا حضاريًا بين الطلبة والوزارة الوصية تحوّل إلى محكمة تُشبه عروض “ستاند آب” كوميدي. تخيّل معنا: طلبة يرفعون مطالب لتحسين تعليمهم ومناهجهم، فيتم اتهامهم وكأنهم يتآمرون لإعادة صياغة قانون الصحة بقرارات من “ما وراء الستار”.
بطل الساحة: محامون ببدلات خارقة
عزيز رويبح، نقيب هيئة المحامين بالرباط، دخل الساحة القانونية بأسلوب لا يقل درامية. بتصريحاته، وصف القرار بأنه انتصار للقضاء وللطلبة وللوطن. لكنه لم يخفِ تعليقه على كون المغرب يحتاج هذه النخبة المثقفة الواعية لتقود التطور. الحقيقة؟ ربما النخبة المثقفة هي التي تحتاج نظامًا لا يدفعها إلى الساحات القضائية كلما فتحت فمها.
درس القانون في قاعات الطب؟
القضية بأكملها تثير تساؤلات ساخرة: هل على طلبة الطب الآن إضافة مادة “القانون والدفاع عن النفس أمام المحاكم” إلى مناهجهم؟ إذ يبدو أن الطريق نحو ارتداء الوزرة البيضاء يمرّ عبر الأروقة المظلمة للمحاكم.
- لوزارة الصحة والتعليم: هل تحسين ظروف التكوين صعبٌ إلى درجة محاكمة الشباب الطموح؟
- للطلبة: لا تجعلوا قاعات المحاكم تُثنيكم عن مطالبكم، بل اجعلوها حافزًا.
- للمجتمع: هل من العدل أن تتحوّل المطالبة بالتغيير إلى معركة قانونية؟
الختام: حين تصبح البراءة انتصارًا
قرار المحكمة بالبراءة هو خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنه يُظهر خللًا أكبر في النظام. العدالة ليست فقط في إصدار أحكام البراءة، بل في منع تحويل المطالب المشروعة إلى تهم تُثار. هل سيأخذ النظام العبرة من هذه الواقعة؟ أم أن فصلًا جديدًا من الكوميديا القانونية ينتظرنا؟
في بلد يبحث عن تطور في كل المجالات، لا تزال بعض القضايا تُظهر أننا عالقون في مسرحية لا نعرف نهايتها. السؤال الذي يبقى: متى نرى طلبة الطب يتخرجون بصفتهم أطباءً لا خبراء قانونيين؟