دابا ماروك
يبدو أن هذا الموضوع يحمل في طياته من التعقيد ما يجعله أشبه بمزيج غريب بين دراما مسرحية ووجبة حلوى مغشوشة. فنحن أمام “عامل مغمور” قرر أن يتقمص دور البطولة في فيلم واقعي، حيث العمل الوطني يُختزل في سلوكيات لا تليق بمن يُفترض أنه يساهم في صون هيبة الدولة واحترام مؤسساتها.
لكن لنتأمل الموقف من زاوية أكثر واقعية وسخرية مريرة: إذا كان بعض الناس يرون أن ما فعله هذا العامل يُعتبر تصرفًا “فاضلانيًا” – وهو وصف يبدو أنه تجاوز حتى حدود الفهم القاموسي – فإن الحقيقة المرة هي أن هذا التصرف يفتح الباب على مصراعيه للسؤال: أين هيبة الدولة ووزارة الداخلية؟ أليس هذا هو الاعتداء على ما تبقى من الموروث الوطني؟
لنعد قليلًا إلى الوراء. المرحلة التي يتحدث عنها البعض في التشبيه ليست سوى فترة كانت فيها المسؤولية تتطلب التوازن بين الأداء والانسحاب عند الضرورة، وحتى “الدسارة” ظلت في حدود، بعيدًا عن مظاهر الاستعراض أو القرارات العشوائية. أما صاحبنا هنا، فقد ارتكب ما يمكن وصفه بجريمة “التقدير المفرط للنفس”، مدعومًا بحب مفرط للحلوى، لدرجة أن العمل ذاته بات كالحلوى يلتهمه بعشوائية.
ونصل إلى النقطة الجوهرية: ما الرسالة التي نوصلها للخارج؟ هل نسمح بأن يُختزل نظامنا في أفعال فردية؟ وهل نصبح ساحة مفتوحة “لكل من هب ودب” ليعبث في ضيعة المصداقية؟ الحقيقة أننا بحاجة إلى وقفة حازمة، بل إلى قرار واضح: توقيف هذه المهزلة التي تسيء إلى صورة البلد أكثر مما تسيء إليه مواقف سياسية معارضة.
الخلاصة؟ إن كرامة الدولة ليست في التزام الصمت وتصريحات عابرة أو إصلاحات فوقية، بل في احترامها لذاتها أولًا، وفي محاسبة كل من يظن أن حب العمل يُترجم بـ”سلوك فاضلاني” يخلط بين الحلوى في الركض وراء الصفقات والسياسة.
إذا لم نُدرك هذا، فربما نحتاج إلى درس سريع في إدارة الأزمات… مع قليل من الحلوى الحقيقية!