نادية أقرواش: من خلف الكواليس إلى قلب المشهد الثقافي
دابا ماروك
نادية أقرواش ليست مجرد مديرة مهرجان أو منفذة في الإنتاج السينمائي، بل هي رمز للرؤية الإبداعية التي تربط بين الفن والتربية. من خلال مسيرة مهنية تمتد لعقود، تمكنت نادية من تحقيق توازن فريد بين المساهمة الفعلية في السينما كوسيلة تعبير ثقافية، وتعزيز القيم التربوية لدى الأجيال الصاعدة.
رحلة فنية غنية ومتنوعة
بدأت نادية مسيرتها في مجال السينما من خلال العمل على المساهمة في إنتاج الأفلام الطويلة والقصيرة. ما يميز مسيرة نادية هو شموليتها، حيث جمعت بين العمل في الإنتاج السينمائي، إدارة المهرجانات، والتعاون الدولي.
المهرجان التربوي: رؤية فريدة تربط الفن بالتربية
برئاسة جمعية “صورة للتراث الثقافي”، أطلقت نادية مهرجان الفيلم التربوي لأطفال المخيمات الصيفية الذي يعد فريدا في الساحة الوطنية والعربية، مبادرة هي الأولى من نوعها. لم يكن المهرجان مجرد حدث سينمائي، بل منصة شاملة لتعليم الأطفال مهارات جديدة، وتعزيز قيم التعايش والإبداع.
أهداف المهرجان:
- تربية سينمائية: تقديم أساسيات السينما من تصوير، إخراج، وتمثيل، ما يساعد الأطفال على التعبير عن قضاياهم بطريقة إبداعية.
- تعزيز الحوار الثقافي: جذب أطفال من خلفيات اجتماعية وجغرافية متنوعة، مما يخلق فسحة للحوار والتعلم المشترك.
- إنتاج محتوى هادف: من خلال ورش العمل، يتم إنتاج أفلام قصيرة تناقش قضايا مجتمعية مثل الهدر المدرسي، وتمدرس الفتاة القروية، والمخاطر الطرقية.
الدور البارز في مهرجان الفيلم التربوي
في إطار دورها كرئيسة جمعية “صورة للتراث الثقافي”، أطلقت نادية مهرجان الفيلم التربوي لأطفال المخيمات الصيفية. يهدف هذا الحدث السنوي إلى استخدام السينما كأداة تربوية لتعزيز الإبداع والوعي الثقافي لدى الأطفال والشباب من مختلف الخلفيات الاجتماعية والجغرافية.
الدورة السابعة: الإنجاز وسط التحديات
نجحت الدورة السابعة، رغم التحديات المالية والتنظيمية، في تحقيق أهدافها. واستطاعت تقديم محتوى يلقى استحسانًا واسعًا، سواء من حيث جودة الأفلام أو تنوع الأنشطة.
وقد انعقدت هذه الدورة في يوليوز 2024 تحت شعار “التربية على الإبداع السينمائي”. تميزت بالأنشطة التالية:
- ورشات تدريبية: تناولت التصوير، الإخراج، التشخيص، واللغة السينمائية، بإشراف خبراء مثل إدريس شويكة وخالد المعتمد.
- إنتاج أفلام تربوية: مثل “على الطريق” الذي ناقش مخاطر اللعب بجانب الطرق، و”سعيد” الذي سلط الضوء على الهدر المدرسي، و”ثيثريث” الذي تناول تحديات تمدرس الفتاة القروية.
-
مسابقات وندوات: شارك فيها 17 فيلمًا من المغرب ومصر وسوريا، حيث حصد فيلم “أبي الثاني” الجائزة الكبرى.
الدورة الثامنة: استمرارية في التجديد
بينما تستعد الدورة الثامنة لعام 2025، تعمل نادية على تعزيز الشراكات مع المؤسسات الداعمة مثل وزارة الشباب والمركز السينمائي المغربي، إلى جانب شركات خاصة. هذه الشراكات تعكس رؤية نادية بعيدة المدى لجعل المهرجان حدثًا مستدامًا ومؤثرًا.
نظرة فلسفية: الفن كأداة للتغيير
ما يميز نادية هو قدرتها على رؤية السينما كوسيلة تربوية تتجاوز حدود الترفيه. من خلال المهرجان، أعادت صياغة العلاقة بين الطفل والمجتمع، حيث يصبح الطفل ليس مجرد متلقٍ، بل صانعًا للمحتوى ومساهمًا في التعبير عن قضاياه.
إرث نادية أقرواش:
إذا كان النجاح يقاس بتأثير الفرد على مجتمعه، فإن نادية أقرواش قد حققت هذا وأكثر. إرثها لا يقتصر فقط على الأفلام أو المهرجانات، بل يمتد ليشمل أجيالًا من الأطفال والشباب الذين استلهموا منها حب الفن والإبداع.
الخاتمة: أيقونة الفن والتربية
نادية أقرواش ليست مجرد مديرة مهرجان أو شخصية سينمائية في الظل، بل هي نموذج للإبداع المتعدد الأوجه. بقيادتها، تحول مهرجان الفيلم التربوي إلى منارة تجمع بين الفن والتربية، مما يجعلها شخصية ملهمة تستحق التقدير والتأمل في تجربتها.
في قلب المشهد السينمائي المغربي، تبرز نادية أقرواش كشخصية استثنائية تجمع بين الخبرة الفنية والرؤية الإبداعية. بخبرة ممتدة عبر مجالات العمل في الإنتاج السينمائي وإدارة المهرجانات، أصبحت نادية واحدة من أبرز الوجوه في تعزيز الثقافة السينمائية، لا سيما بين فئة الأطفال والشباب.
بفضل مسيرتها الفنية الملهمة وقيادتها الرائدة للمهرجان، تواصل نادية أقرواش إحداث تأثير إيجابي في عالم السينما والتربية. تحوّلت رؤيتها إلى واقع يعكس طموحها في استخدام الفن كوسيلة للتغيير، مما يجعلها رمزًا للمرأة المغربية المبدعة.