المشهد السياسي في المحمدية: تحالفات متغيرة وطموحات معلقة
دابا ماروك
المتابع للشأن المحلي في مدينة المحمدية يتذكر جيدًا أن انتخابات 2003 كانت أول انتخابات جماعية في عهد الملك محمد السادس، حيث أفرزت انتخاب محمد العطواني رئيسًا لجماعة المحمدية بعد أن فاز حزب التجمع الوطني للأحرار بثلاثة مقاعد فقط. وتمكن العطواني من الظفر برئاسة الجماعة بفضل دعم حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية، في حين خرج الاتحاد الاشتراكي خالي الوفاض رغم حصوله على الأغلبية العددية، لينهزم أمام تحالف ثلاثي.
وجاءت انتخابات 2009 التي أسفرت عن فوز محمد لمفضل بمنصب الرئاسة، وهو وافد جديد إلى السياسة ينتمي لحزب الأصالة والمعاصرة الناشئ آنذاك. لكن بعد موجة الربيع العربي، شهدت انتخابات 2015 تغييرات كبرى في الخريطة السياسية على المستوى الوطني، وتمكن حزب العدالة والتنمية من الحصول على الأغلبية التي أفرزت حسن عنترة رئيسًا للجماعة، تبعته إيمان صبير من نفس الهرم السياسي، التي عُزلت لاحقًا لتخلفها زبيدة توفيق لفترة قصيرة في دجنبر 2020.
وفي خضم هذه التغيرات، برز اسم هشام أيت منة الذي كان خارج عضوية الجماعة، لكنه تمكن من قيادة حزب التجمع الوطني للأحرار في المحمدية كمنسق إقليمي خلفًا لمحمد العطواني. وقد أثارت نتائج انتخابات 5 أكتوبر 2021 الكثير من التساؤلات حول مستقبل العطواني، حيث كانت هناك توقعات بعودته لرئاسة مجلس العمالة، لكن هشام أو الحزب اختار لهذا المنصب اسما حسب المزاج، من هواة ركوب الخيل، الذي ركب الرئاسة المذكورة، مما أحبط طموحات العطواني الذي لم يصل بعدها إلى مجلس المستشارين كما كان متوقعًا.
ولا يزال الغموض يلف مصير العطواني الذي تراجع بشكل تدريجي، مما يثير تساؤلات حول الدور الذي لعبه هشام أيت منة أو قيادة الحزب في هذا التراجع. وقد تولى أيت منة رئاسة جماعة المحمدية بعد تخليه عن رئاسة فريق شباب المحمدية، لاحقًا رئاسة فريق الوداد البيضاوي، في وقت تتردد أنباء عن نيته الابتعاد عن الساحة السياسية بالمحمدية.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، تظل التساؤلات مطروحة حول ما إذا كان أيت منة سيرشح نفسه عن دائرة آنفا، حيث يُعتبر سعيد الناصيري، صديقه، رئيسًا سابقا لنفس المقاطعة قبل الزج به في السجن. من جانبه، يبقى العطواني متمسكًا بالأمل في تولي القيادة الإقليمية بالمحمدية مجددًا، فهل ستعترضه عراقيل جديدة أم أنه سيغير الوجهة السياسية؟ بينما تجهز الأحزاب الأخرى نفسها بنَفَس طويل للمعركة المقبلة، يبقى مستقبل حزب الأصالة والمعاصرة غامضًا، خاصة مع تسريح عدد كبير من العمال في معمل ينتمي مالكه إلى الحزب نفسه.
في وقت تتخوف فيه فروع الأحزاب السياسية من عودة أصحاب “الشكارة”، يتزايد القلق بشأن تكرار ظاهرة المال السياسي وتأثيره على التنافس النزيه في الانتخابات المحلية. فمع اقتراب الاستحقاقات المقبلة، تثار المخاوف من قدرة أصحاب النفوذ المالي على التحكم في المشهد السياسي، مما يهدد بعرقلة مساعي الأحزاب لتحقيق تمثيل حقيقي يعكس إرادة المواطنين.
هذه الظاهرة تضع الأحزاب أمام تحديات كبرى، حيث يجب عليها إيجاد وسائل فعالة لمواجهة نفوذ “الشكارة” وسط قلق الناخبين المتزايد بشأن دور المال في الحياة السياسية.
تطرح هذه التطورات أسئلة عميقة حول مستقبل السياسة في المحمدية بعد مرور نصف فترة الولاية الحالية.