موقف الجزائر من قرار الأمم المتحدة الأخير حول الصحراء المغربية: زوبعة في فنجان
دابا ماروك
في 31 أكتوبر 2024، أصدرت الأمم المتحدة قرارًا جديدًا بشأن قضية الصحراء المغربية، وقد حظي القرار بترحيب واسع في المغرب، حيث عُدَّ بمثابة دعم جديد لموقف البلاد الثابت في هذا النزاع الإقليمي. استُقبلت الأخبار بالفرحة العارمة، وخرجت التعليقات المشجعة من المسؤولين المغاربة لتؤكد أهمية هذا الدعم الدولي.
أما في الجزائر، فقد أثار القرار ردود فعل قوية أشبه بصاعقة في سماء هادئة، فكانت الصحف الجزائرية مشغولة بنشر تعليقات مثيرة وصارخة حول ما وصفته بـ”الظلم التاريخي” الذي يتعرض له “إخوتنا في الصحراء الغربية”. وبينما تغرق الجزائر في قضاياها الداخلية الملتهبة، يبدو أنها لم تفوت الفرصة لتصب اهتمامها على قضية الصحراء الغربية، وكأن تلك المشاكل ليست ذات أولوية.
ومع هذا التصعيد في لهجة الإعلام الجزائري، يستمر الشارع المغربي في الاحتفال بنصر دبلوماسي آخر، مؤكدين أن المسار الأممي يسير في اتجاه أكثر وضوحًا لدعم سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
المسؤولون الجزائريون، الذين طالما تظاهروا “بموقفهم القوي” من القضية، خرجوا بتصريحاتهم المعتادة. فقد أعلن أحدهم، وعيونه تلمع ببراءة الأطفال، أن الجزائر ستظل “داعمة لحق تقرير المصير” و”تساند كفاح الشعب الصحراوي”. في حين أن المواطن الجزائري العادي، الذي يكافح من أجل الحصول على لقمة العيش، ربما يتساءل: “وماذا عن حقوقنا نحن؟”
ولم يتوقف الأمر عند التصريحات، فقد لاحظنا أن الجزائر استنفرت كل طاقاتها الدبلوماسية لتجميع حلفائها في موقف يتناسب مع طموحاتها. كأنها تنظم حفلة فخمة، بينما جيرانها يحاولون الوصول إلى حفل شاي بسيط! بينما تعلن الجزائر أنها تدعو إلى “الحوار البناء”، لا يمكننا أن نتجاهل أن تلك الدعوات غالبًا ما تأتي بعد خلفيات من التوترات الحدودية والمناوشات السياسية.
وعلى صعيد الإعلام، كانت هناك تغطية مبالغ فيها تعكس حجم “الصراع” الذي تعيشه الجزائر في نظرتها لموقف الأمم المتحدة. إذ أصبحت العناوين تتحدث عن “أزمة كبرى” وكأن الأوضاع في الجزائر مثالية تمامًا. وكأننا في زمن الفتوحات، والجزائر تمشي على البساط الأحمر في العالم الدبلوماسي، بينما يواجه الشعب الجزائري صعوبات اقتصادية واجتماعية تؤرق مضاجعهم.
في النهاية، يبدو أن موقف الجزائر من قرار الأمم المتحدة الأخير حول الصحراء المغربية ما هو إلا تجسيد لزوبعة في فنجان، حيث تتنازع المصالح السياسية على حساب الحقائق الاجتماعية. وفي حين يستمر الصراع في الصحراء، يبقى المواطن الجزائري يتأمل في أفق أفضل، غير مدرك تمامًا لأي من المسارات السياسية ستؤدي إلى تحسن حقيقي في حياته.
فهل ستبقى الجزائر محتفظة بموقفها المتصلب، أم ستجد لنفسها طريقًا للتركيز على قضاياها الداخلية؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة على هذا السؤال.