أخنوش يعود بوعد جديد: تجويد الحياة… لأن وعود تحسينها لم تكن كافية!
دابا ماروك
عزيز أخنوش، نجم العروض المسرحية والسياسية، الذي لم يكتفِ بوعدنا سابقًا “جزاه الله خيرًا” بإعادة التربية، يعود لنا اليوم بإبداع جديد من منصة البرلمان، حيث يعدنا، بكل تألق، بتجويد الحياة! يا سلام على الطموحات الطازجة.
في جلسة عمومية خصصت للأسئلة الشفهية، اختار أخنوش موضوعًا مثيرًا هو “محورية قطاع التجارة الخارجية في تطور الاقتصاد الوطني”. بالطبع، جلسنا جميعًا في انتظار العرض، حيث لم ينسَ أن ينوّه، بشيء من العجب، بالمنجزات الحكومية التي يبدو أنه فقط هو من يستطيع سماع إيقاعها الزاهي. نعم، إنه الإيقاع الذي تطبّل وتزمّر له حكومته العتيدة، مبرزًا في خطابه كيف أن المملكة تعيش الآن طفرة نوعية في التوازنات التجارية والماكرو اقتصادية.
المواطن المغربي، مندهشًا ومتفكرًا، لم يفلح في رؤية هذه الطفرة، لكنها موجودة فقط في كتب أخنوش العجائبية.
ثم يأتي السيد رئيس الحكومة بإعلان مدوٍّ: “إنجاز تاريخي خلال سنة 2023! العجز في الحساب الجاري تراجع إلى مستوى أسطوري، -0.6% فقط، أي ما يعادل -9 مليار درهم، مقارنة بالعجز الهائل -43 مليار درهم في 2019.” لنصفق جميعًا، لأن الرقم المسجل يعتبر أدنى عجز منذ 2007، وهي سنة يبدو أنها كانت أيضًا أسطورية بطريقة ما، رغم أن أغلب المغاربة لا يتذكرون منها سوى غلاء المعيشة الباهظ.
أخنوش، كفارس الإصلاحات، أكد لنا أن هذه الإنجازات لم تأتِ من العدم، بل هي ثمار عمل الحكومة في “ظرفية عالمية جد معقدة”. حقًا، الوضع العالمي معقد جدًا، لكن العبقرية المغربية، كما يبدو، فاقت تعقيد الفوضى الكونية نفسها. ارتفاع الإيرادات بنسبة 12%؟ أمر مثير للإعجاب، وإن كنا نشتاق لرؤية هذه الإيرادات في جيوبنا الفارغة بدل أن تظل مجرد أرقام باردة.
ومع ذلك، أخنوش لم ينسَ الحديث عن الديون الوطنية، تلك القصة التي تُسرد منذ فجر الاستقلال. المديونية تراجعت، يقولها بحماس، إلى ما دون 70%! وهنا نقف مصفقين، لكن ليس للإنجاز بل لقدرته الفذة على جعل المديونية تبدو مثل إنجاز رياضي.
وإن سألت عزيز عن القدرة الشرائية؟ لا، لا وقت للحديث عنها، فهي أمر جانبي جدًا بالنسبة لمشروع “تجويد الحياة”. أثمنة البنزين؟ هي مستقرة عند مزاجه ومزاج المتنعمين بالمحروقات، فلا حاجة للمواطن العادي بمعرفة تفاصيل تلك التقلبات. أما الغلاء المعيشي الذي يواصل تكسير عظام المواطنين؟ يبدو أنه مجرد تفصيل لا يستحق الذكر في رواية الإنجازات!
نحن هنا، أيها السادة، أمام مسرحية من نوع خاص، بطلها وعدٌ جديد “بتجويد الحياة”. لكن ربما، في النسخة المقبلة من المسرحية، سيكون هناك فصل يحمل عنوانًا أكثر قربًا للواقع: “كيف نعيش رغم وعود الحياة المجودة.