مجتمع

الخيانة الزوجية: بين تفسير النصوص القانونية واجتهادات القضاء

من إعداد وإسهام: الأستاذ عبد العالي المصباحي/ المحامي العام بمحكمة النقض ورئيس رابطة قضاة المغرب

يسعد موقعنا “دابا ماروك” أن يرحب بنشر إسهام جديد من الأستاذ عبد العالي المصباحي، المحامي العام بمحكمة النقض ورئيس رابطة قضاة المغرب. تأتي هذه المادة لتواصل تقديم الأفكار الرائدة والتحليل العميق في المجال القضائي، حيث يسلط الأستاذ المصباحي الضوء على موضوع بالغ الأهمية وهو “الخيانة الزوجية: بين تفسير النصوص القانونية واجتهادات القضاء“.

في هذه المقالة، يعرض الأستاذ المصباحي بأسلوبه المتميز، تحليلًا دقيقًا للتشريعات القانونية المتعلقة بالخيانة الزوجية في القانون المغربي، بالإضافة إلى تفسيراته المستندة إلى اجتهادات القضاء. يقدم الأستاذ المصباحي مراجعة لأحكام محكمة النقض والتطبيقات القضائية التي تسهم في فهم أعمق لمفهوم الخيانة الزوجية وكيفية تطبيق القانون في هذا السياق.

تعتبر هذه المادة إضافة قيمة للمجال القانوني، حيث تساهم في إثراء النقاش الأكاديمي وتوفير رؤية متكاملة حول كيفية تفسير النصوص القانونية وتطبيقها على الواقع القضائي.  ونأمل أن تساهم هذه المادة في تعزيز الفهم والتطبيق الصحيح للقانون.

في المجتمعات التي تحترم القيم الأخلاقية، تلعب الأخلاق والآداب العامة دوراً أساسياً في الحفاظ على استقرار المجتمع وتماسكه. فالأخلاق ليست مجرد مجموعة من القواعد النظرية، بل هي الأساس الذي يُبنى عليه السلوك الاجتماعي السليم، حيث يتم توجيه الأفراد نحو ما هو مقبول ومرفوض داخل منظومة القيم المشتركة. وبناءً على ذلك، فإن أي خرق لهذه القيم لا ينعكس فقط على الأفراد المعنيين به، بل يمتد أثره إلى كافة شرائح المجتمع.

إذا كان المشرع المغربي قد أدخل الأفعال التي تمس بالأخلاق والآداب العامة ضمن دائرة التجريم، فذلك نظراً لما تسببه هذه الأفعال من اضطراب اجتماعي ونفور مشهدي تتقزز منه النفوس، مما يؤثر سلباً على سلوكات المجتمع ويغري الناشئة بالانغماس في الرذيلة، ويعزز التفكك الأخلاقي. وفي هذا السياق، خصص المشرع الباب الثامن من القانون الجنائي لفصوله من 449 إلى 504 تحت عنوان “الجنايات والجنح ضد نظام الأسرة والأخلاق العامة”، وأدرج الفرع السادس من هذا الباب، الذي يتضمن الفصول من 483 إلى 496، تحت عنوان “في انتهاك الآداب”. وهذا التسمية تشير بوضوح إلى أن الأفعال، رغم أنها قد تقتصر على الأفراد المعنيين بها، إلا أن خطورتها تمتد لتؤثر على المجتمع بأسره، حيث تنعكس آثارها على الأمة ككل. فهدم نظام الأسرة، الذي يعد نواة المجتمع، وانتهاك الآداب والأخلاق العامة، يمثلان تهديداً لقيم المجتمع الأساسية، كما يقول الشاعر:

“إنما الأمم الأخلاق ما بقيت،
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا”.

قد يثير البعض تساؤلاً حول سبب إدراج الجرائم مثل الاغتصاب وهتك العرض والتحريض على الفساد في فرع “انتهاك الآداب”، بدلاً من إدراجها في الباب السابع من مدونة القانون الجنائي الذي خصص للجنايات والجنح ضد الأشخاص. ويعزى هذا إلى أن دستور 2011 قد خص الفصل 20 وما بعده للحديث عن الحق في السلامة الجسدية للمواطنين. ومع ذلك، فقد جرّم المشرع هذه الأفعال نظراً لما لها من تأثير مباشر وسلبي على نظام الأسرة والأخلاق العامة، التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من النظام العام.

تُوصف الجرائم وفقاً لفعلها وكنهها ومصدرها. على سبيل المثال، جريمة الضرب والجرح تُسمى هكذا لأنها تتضمن ضرباً وجرحاً وإيذاءً وعنفاً، وجريمة السرقة تُسمى كذلك لأنها تتعلق بسرقة واختلاس ونهب مال الغير. في المقابل، جريمة الخيانة الزوجية تأتي بصياغة مخالفة لما هو معتمد في باقي الجرائم، حيث يشير المشرع إلى مفهومها من خلال تفسير معانيها في اللغة والاصطلاح والقوانين الأخرى المنظمة للعلاقة الزوجية. كما أن هذه الجريمة تعتبر فعلاً مركباً، حيث يجب لقيامها أن يتضمن الفعل الخيانة ويكون موجهًا لعلاقة الزوجية.

نص الفصل 491 من القانون الجنائي ينص على ما يلي: “يعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين أحد الزوجين الذي يرتكب جريمة الخيانة الزوجية، ولا تجوز المتابعة في هذه الحالة إلا بناء على شكوى من الزوجة أو الزوج المجني عليه. غير أنه في حالة غياب أحد الزوجين خارج تراب المملكة، فإنه يمكن للنيابة العامة أن تقوم تلقائيًا بمتابعة الزوج الآخر الذي يتعاطى الخيانة الزوجية بصفة ظاهرة.”

فلو كان المشرع يريد حصر جريمة الخيانة الزوجية في العلاقة الجنسية خارج إطار الزواج، لكان من الممكن أن ينص على أن “كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة، كلاهما أو أحدهما متزوج، تعتبر خيانة زوجية.” ولكن النص جاء بصيغة عامة، ما يعني أن كل خيانة لعلاقة الزوجية تعد جريمة معاقب عليها بمقتضى الفصل 491 من القانون الجنائي. وهذا يختلف عن الفصل 490 من نفس القانون الذي عاقب على جريمة الفساد بتحديده “كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة زوجية تُعد جريمة الفساد وتعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنة.”

تعريف الخيانة الزوجية والعلاقة الزوجية وفقًا للنصوص القانونية والشرعية

مفهوم الخيانة

الخيانة، لغةً، هي نقيض الأمانة وتشير إلى خرق للعهد أو الثقة الممنوحة. وفي الاصطلاح، تعني التصرف بخلاف الحق ونقض العهد بسرية، حيث يتم الاستيلاء على ما يؤتمن عليه الإنسان من أموال أو أعراض. الخيانة الزوجية، وفقاً للشرع الإسلامي، تُفهم من خلال نصوص القرآن والسنة. فإذا كان القصد منها زنى أحد الزوجين، فقد نص الله سبحانه في سورة الإسراء: “وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا”. وإذا كان الأمر يتعلق بالنظر أو الخلوة، فقد ورد في سورة النور: “قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ”. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم” (رواه مسلم).

العلاقة الزوجية وفق المدونة

بالرجوع إلى مدونة الأسرة، تعرف المادة 4 الزواج على أنه “ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام، غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة”. وقد حصّن المشرع المغربي هذه العلاقة بشروط ضرورية، مثل التراضي والترابط الشرعي والإحصان والعفاف، مما يضمن استقرار الأسرة. وأكد الفصل 32 من الدستور المغربي أن الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي “الخلية الأساسية للمجتمع”، مما يوجب على الدولة ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية لها.

الخيانة الزوجية في القانون المغربي

بقراءة المادة 4 من مدونة الأسرة، يتضح أن الحفاظ على العلاقة الزوجية يتطلب الالتزام بغايات الميثاق، وأي إخلال بها يعتبر خيانة. نص الفصل 491 من القانون الجنائي على معاقبة أي خرق للإحصان والعفاف من قبل أحد الزوجين. وذهبت محكمة النقض في قرارها رقم 506/11 بتاريخ 2/5/2019 إلى أن صفة الزوجية هي الأساس في إنزال العقاب على الخيانة، دون النظر إلى قصور الزوجة أو بلوغها سن الرشد.

قضية القاصر المتزوجة والخيانة الزوجية

على الرغم من موقف محكمة النقض، فإن قرارًا لاحقًا أقر ببراءة قاصر متزوجة، اعتبرت ضحية وليس فاعلة في جنحة الخيانة الزوجية، بناءً على اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989. هذا القرار أثار جدلاً كبيراً، حيث يُعتبر أنه يُضعف قيم الزواج الذي هو “الميثاق الغليظ” بين الرجل والمرأة. المشرع المغربي لم يعفِ مرتكبي الجرائم من العقاب إلا في حالات انعدام المسؤولية أو وجود ضرورة قصوى، ولم يكن القصور أو عدم بلوغ سن الرشد الجنائي سببًا للإعفاء.

العلاقة الجنسية ومفهوم الجنس في الشريعة

الجنس، في الشريعة، هو تعبير يشمل كافة الممارسات المرتبطة بالأعضاء التناسلية، سواء كانت مداعبة أو تقبيلاً أو وطءاً. تتعدد العبارات التي وردت في القرآن الكريم لتشير إلى هذه الممارسات مثل الجماع والنكاح، لكنها تتفق في الهدف النهائي: تحقيق الحلال في إطار الزواج.

مفهوم الجنس في العالم الافتراضي

الجنس الافتراضي لا يحمل مفهومًا موحدًا، نظرًا لتعدد أساليبه وصوره وطرق ممارسته. يمكن أن يحدث بين شخصين أو أكثر، من أجناس مختلفة أو من نفس الجنس، أو بين شخص واقعي وآخر افتراضي عبر الوسائط الإلكترونية. الهدف الأساسي من هذه الممارسة هو إشباع الرغبة الجنسية من خلال الخيال أو المشاهدة أو المحادثات غير اللائقة. وقد تتم هذه الإثارة عبر وسائل مقروءة، مسموعة، أو مرئية.

الجنس الافتراضي والقانون

بعض رجال القانون حاولوا إعطاء الجنس الافتراضي طابعًا تجريميًا، حيث أطلق عليه المحامي أيمن السباعي مصطلح “جريمة الزنا السلبي”. هذه التسمية جاءت بسبب غياب المواقعة غير الشرعية أو النشاط الجنسي الفعلي الذي يحدث في العالم الواقعي، إذ يعتمد هذا النوع من الجنس على الخيال والتفاعل عبر الوسائط الإلكترونية.

الجنس الافتراضي والجرائم الإلكترونية

من ناحية قانونية، بعض حالات الجنس الافتراضي تدخل في إطار الجرائم الإلكترونية. حسب تعريف المؤتمر العاشر للأمم المتحدة لمكافحة الجريمة الإلكترونية، تُعرف الجريمة الإلكترونية بأنها “كل جريمة يمكن ارتكابها بواسطة نظام حاسوبي أو شبكة حاسوبية”. هذا يعني أن الأفعال التي تتم عبر الإنترنت قد تعتبر جريمة إذا ارتُكبت بواسطة وسيلة إلكترونية.

الخيانة الزوجية الافتراضية

الخيانة الزوجية عبر الوسائط الإلكترونية تثير جدلاً قانونياً وأخلاقياً، حيث يتطلب الأمر تفسيرات دقيقة لما يُعتبر خيانة وما لا يُعتبر كذلك. وقد يُصنّف بعض هذه الأفعال تحت تكييفات قانونية أخرى، مما يستدعي تخصيص موضوع منفصل لاستبيان هذه المسألة بشكل أدق.

إلباس حالات الخيانة الزوجية للقالب القانوني

بعد التطرق لمفهوم الخيانة الزوجية لغة وشرعًا، سنتناول الآن محاولة إلباس هذه الحالات – سواء المادية أو الافتراضية – للقالب القانوني المنظم لجريمة الخيانة الزوجية. الهدف هو تحديد الأفعال التي تصنّف ضمن الخيانة الزوجية وما لا يدخل فيها، بناءً على النصوص القانونية المغربية.

الخيانة الزوجية المادية

تُعتبر الخيانة الزوجية جريمة متى ارتبطت بعلاقة جنسية بين رجل وامرأة، سواء كان أحدهما أو كلاهما متزوجًا. هذه الجريمة تتطلب إثباتًا ملموسًا يتم بناءً على محضر رسمي محرر من قبل ضابط الشرطة القضائية في حالة تلبس، أو عبر اعتراف مكتوب أو اعتراف قضائي. بموجب الفصلين 490 و491 من القانون الجنائي المغربي، تُعتبر العلاقة الجنسية خارج إطار الزواج جريمة فساد، أما في إطار الزواج مع شخص غير الزوج/الزوجة فتُصنف كخيانة زوجية.

العلاقة الجنسية وفق القانون

القانون الجنائي المغربي يعتبر العلاقة الجنسية بمفهومها الواسع، تشمل المداعبة، التقبيل، تحفيز الأعضاء الحساسة، أو أي فعل يؤدي إلى المواقعة. ولا يدخل في إطار هذه العلاقة أفعال مثل العزل، الاستمناء، أو العادة السرية، لأنها ممارسات ذاتية لا تشمل تفاعلًا مع طرف آخر، ومن ثم تنتفي فيها العلاقة بين شخصين، مما يجعلها خارج نطاق جريمة الخيانة الزوجية وفق القانون.

الخيانة الزوجية الافتراضية

فيما يتعلق بالخيانة الزوجية الافتراضية أو الإلكترونية، فالمسألة أكثر تعقيدًا. هذه الحالات تشمل المحادثات أو التفاعل عبر الإنترنت بطرق غير لائقة، ولكن لا تُعتبر كل هذه الأفعال جريمة خيانة زوجية وفق النصوص القانونية التقليدية. بعض رجال القانون، مثل المحامي أيمن السباعي، حاولوا تصنيف هذه الأفعال ضمن “الزنا السلبي”، لكن هذا المصطلح غير معمول به في النصوص القانونية الحالية.

ومع ذلك، إذا ارتبطت هذه الأفعال الإلكترونية بجرائم أخرى مثل الابتزاز أو الإضرار بالكرامة، فقد تندرج تحت جرائم أخرى، مثل الجرائم الإلكترونية، وفق تعريفات الأمم المتحدة.

ومن هنا يمكن أن نعرف الخيانة الزوجية كالتالي:

“الخيانة الزوجية هي ممارسة الجنس مع غير الزوج أو الزوجة، وتشمل التعري المتعمد، المداعبة، التقبيل، تحفيز الأعضاء الحساسة أو التناسلية للشريك، أو المواقعة بكل صورها من وطء، لواط، وسحاق.”

قد يعترض البعض على إدخال اللواط والسحاق ضمن هذا التفسير. إلا أنني أوضح أن المشرع المغربي عندما جرم العلاقة الجنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزواج، سماها “الفساد”. فقد نص الفصل 489 من القانون الجنائي على معاقبة العلاقات الجنسية الشاذة بالنسبة لغير المتزوجين، وجاء فيه: “يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائتين إلى ألف درهم من ارتكب فعلاً من أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه، ما لم يكن فعله جريمة أشد.”

أما بالنسبة للمتزوجين، فإن الخيانة الزوجية تشمل كل هذه الممارسات، وذلك وفقًا لما أوردناه سابقًا. ولهذا أُضيفت في نهاية الفصل 489 عبارة “ما لم يكن فعله جريمة أشد”، وكأن النص يشير إلى الشذوذ الجنسي في حالة المتزوجين. فالزوج (أو الزوجة) المثلي يُعتبر شريكه هو المتضرر الأول من نتيجة علاقاته الشاذة مع شخص أجنبي من جنسه، لما قد ينتج عن ذلك من استمتاع بالبضع من طرف شخص غريب عن العلاقة الزوجية، وما ينتج عنه من نفور وهجر الزوج (أو الزوجة) ونشوز. وبالتالي، فإن الزوج المثلي بانخراطه في مثل هذه الأفعال ينتهك الغاية الأساسية من الزواج، التي هي الإحصان والعفاف.

كما أن التعري المتعمد وإظهار المفاتن لغير الزوج يدخل في نطاق الخيانة الزوجية كما سبق ذكره، نظرًا لأنه يمثل استباحة للجسد أو الذات أمام شخص غير الشريك في العلاقة الزوجية. قد يعتقد البعض أن هذا الفعل لا يتضمن مواقعة أو لمسًا، وهذا صحيح. لكن المتعة الجنسية تتحقق عند الناظر أو المتفرج. ومن الجدير بالذكر أن من الانحرافات السلوكية في باب الجنس الناتجة عن اضطرابات نفسية نجد ما يُسمى بالفتشي (Fetishism)، التبصصي (Voyeurism)، الاستراق (Scopophilia)، والاستعراضي (Exhibitionism). هؤلاء الأشخاص يتلذذون بتحقيق رغباتهم الجنسية الشاذة من خلال استراق النظر، أو التعري أمام الناس، أو الاستمناء على لباس، دمية، صورة، أو أداة، أو حتى عضو من أعضاء الإنسان، وغيرها من الممارسات.

وهكذا، أكدت محكمة النقض في قرارها عدد 1431/3 بتاريخ 17 أكتوبر 2018 أن اعتراف الزوجة في محضر الشرطة القضائية بتبادل القبل مع رجل أجنبي عنها يعد خيانة زوجية تجاه زوجها، حيث يُعتبر هذا الفعل خيانة لرابطة الزوجية والوفاء والثقة المتبادلة بين الزوجين.

وفي دعم لهذا التوجه، قضت محكمة النقض في قرارها عدد 124 الصادر بتاريخ 29 يناير 2014 برفض طلب الطعن على حكم استئنافي أعاد تكييف فعل الخيانة الزوجية، اعتمادًا على مكالمات صوتية مسجلة على هاتف الزوجة مع شخص آخر، باعتبارها تحريضًا على الفساد وليس خيانة زوجية.

وفي قرار آخر لمحكمة النقض، عدد 448/3 بتاريخ 6 أبريل 2016، تم نقض حكم لم يوضح الفعل الذي اعتبرته المحكمة خيانة زوجية. ونصت المحكمة على أن ممارسة الجنس يمكن أن تتخذ صورًا متعددة، وأن المحكمة التي لم توضح مفهوم العلاقة الجنسية التي استندت إليها لتحديد الركن المادي لجريمة الخيانة الزوجية، والتي تتحقق بكل فعل جسدي مرتبط بالرغبة الجنسية ويمس قدسية رابطة الزوجية، تكون قد أغفلت التعليل الصحيح، مما أدى إلى نقص في تبرير الحكم.

وفي قرارها عدد 648/3 بتاريخ 10 أبريل 2019، اعتبرت محكمة النقض أن العلاقة الجنسية السطحية تُعد خيانة زوجية إذا تمت من أحد الزوجين أو الشريك. وقد حكمت المحكمة بإدانة المتهمة بالمشاركة في الخيانة الزوجية، بناءً على اعترافها بممارسة الجنس بطريقة سطحية مع مرافقها وإشباع رغبتها الجنسية. وجاء القرار معززًا بتطبيق سليم للفصول القانونية ذات الصلة وتعليل كافٍ.

ولأن علاقة الزوجية تُعد ميثاقًا غليظًا يحميه الدستور المغربي والقوانين الوضعية، فقد ذهبت محكمة النقض إلى اعتبار أن علاقة الزوجية غير قائمة قانونيًا، رغم اعتراف الطرفين بأنهما يعاشران بعضهما معاشرة الأزواج، ويعيشان تحت سقف واحد، وأنجبا طفلين. جاء هذا القرار بسبب عدم توضيح الأسباب والمبررات التي حالت دون توثيق رابطة الزوجية بينهما أو سلوك مسطرة ثبوت الزوجية. وبناءً على ذلك، قضت محكمة النقض بنقض القرار الذي برّأهما من جنحة الخيانة الزوجية والمشاركة فيها، وذلك وفق القرار عدد 1369/3 بتاريخ 18 سبتمبر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى