حياة الماعز” على نتفلكس: ما بين حرية الإبداع والرعي في الصحراء!
دابا مارك
الفيلم الهندي “حياة الماعز” الذي عرض على نتفلكس يبدو وكأنه كان حفل شواء اجتماعي على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتقل الجدل من على الشاشات إلى كل زاوية رقمية في الإنترنت. ربما كانت الماعز نفسها قد بدأت تتسائل: “لماذا نحن في كل مكان فجأة؟”
الفيلم لم يكن فيلمًا عن حياة الماعز بشكل حرفي، بل كان يحكي قصة عن شاب هندي اسمه نجيب ذهب إلى السعودية بحثًا عن فرصة عمل ليجد نفسه في مأزق يشبه لعبة “السلم والثعبان”، حيث الصعود للسلم يعني العمل، لكن الهبوط للأسفل يعني رعي الغنم في الصحراء، بلا أمل في العودة.
الفيلم، على ما يبدو، لم يُعجب بعض السعوديين الذين وصفوه بالمسيء لتناول موضوع نظام الكفيل، والذي، لسبب ما، كان يعتقد البعض أنه موضوع لا يمكن لأحد التحدث عنه. نظام الكفيل، لمن لا يعرفه، هو عندما يجلب صاحب عمل ما عاملًا أجنبيًا، ويصبح مسؤولاً عنه مثلما يكون مسؤولاً عن أي ملكية شخصية، بل وربما أكثر بقليل. وهنا، تتجلى مأساة نجيب، الذي لم يجد نفسه في مكتب مكيف، بل في الصحراء، محاطًا بالماعز التي ربما كانت تتفهم حاله أكثر من “كفيله”.
المخرج الهندي، الذي يبدو أنه كان يتوقع أن يحدث فيلمه “حياة الماعز” هذه الضجة وربما يتسبب في بعض الاحتكاكات الدبلوماسية، قرر أن يضع تحذيرًا مسبقًا في مقدمة الفيلم، يقول: “الفيلم لا يقصد الإساءة لأي بلد أو شعب أو مجتمع أو عرق”. إنه تمامًا مثل القول: “لا تأخذوا الأمر بجدية، إنه مجرد فيلم!”، ولكن من الواضح أن هذا التحذير لم يكن كافيًا لإطفاء نيران الجدل المشتعلة، فالنقاد ورواد مواقع التواصل الاجتماعي الخليجيين انقسموا بين من يرى أن الفيلم تجاوز الحدود المقبولة وبين من يرى أنه مجرد تعبير فني يدخل تحت بند حرية الإبداع.
بالطبع، هناك من وصف الفيلم بأنه ليس إلا هجومًا غير مبرر على نظام الكفالة في السعودية، وكأن المخرج جاء من مكان بعيد فقط ليتحدث عن قضية حساسة. في المقابل، آخرون رأوا في الفيلم مجرد انعكاس لموضوع اجتماعي لا يمكن إنكاره، حتى وإن كان تمثيله على الشاشة بأسلوب يميل إلى المبالغة أو التراجيديا.
وبينما يستمر الجدل بين النقاد ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، يبقى السؤال الذي يطرحه الماعز في الفيلم – وربما كل الماعز في الصحراء السعودية الآن – “لماذا نحن؟” ربما نجيب فقط لديه الجواب، أو ربما تكون الإجابة ببساطة أن الفن هو انعكاس للواقع، حتى لو كان هذا الواقع يحدث في الصحراء، وبين الماعز.