الميلودي المخاريق: “عميد النقابيين” أم “قاهر المتقاعدين”؟
دابا ماروك
في وقت يُفترض فيه أن القوانين النقابية تضمن تداول السلطة وتحقيق الديمقراطية الداخلية، يظهر المخاريق ليقدم درسًا في “الابتكار النقابي”، حيث يمكن دائمًا الالتفاف حول القوانين بحنكة وتجديد الولاية بجرأة. ربما يعتقد أن لا أحد غيره قادر على قيادة الاتحاد المغربي للشغل، أو ربما لديه أهداف “سامية” لم يتمكن من تحقيقها خلال ولايتين فقط. ولكن السؤال الذي يطرحه الكثيرون: هل هو حريص على مصلحة العمال أم أن رئاسة النقابة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من هويته الشخصية؟
من المثير للسخرية أن المخاريق، الذي كان دائمًا يدافع عن حقوق العمال ويطالب بالعدالة والشفافية، يضع نفسه الآن في موقف محرج أمام هذه المبادئ. فكيف يمكن للعمال أن يثقوا في قيادة تتجاهل قوانينها الداخلية؟ نعم، نجح خلال السنوات الأخيرة في الحصول على ولاية ثالثة، لكن التاريخ سيحكم في النهاية على مدى توافق هذه الولاية مع قيم النقابة ومبادئها. وفي الوقت الذي يسعى فيه لإطالة أمد سلطته، قد يجد نفسه معزولًا عن القاعدة النقابية التي طالما ادعى الدفاع عنها.
يبدو أن المخاريق ليس فقط قاهرًا للمتقاعدين، بل أيضًا “مروضًا” للقوانين النقابية. من يدري؟ ربما يفكر الآن في ولاية رابعة، خامسة… أو حتى منصب مدى الحياة! العبرة ليست في القوانين، بل في من يطبقها… أو يتجاوزها.
الميلودي المخاريق، الأمين العام لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، يبدو أنه قرر أن يخلد اسمه في سجلات التاريخ، ليس فقط كنقابي مدافع عن حقوق العمال، بل كـ”عميد” تجاوز حدود الزمن وأصبح أيقونة في مجال عدم التقاعد. الرجل الذي تجاوز عمره الـ74 عامًا، ما زال يصر على الاحتفاظ بمقعده على رأس النقابة، متناسياً أن هناك من ينتظر بصبر نافد دوره في قيادة هذا “الكرنفال” النقابي.
عندما نشاهد المخاريق في الحوارات الاجتماعية، قد نتساءل: هل نسي أنه تجاوز السن القانونية للتقاعد؟ أم أنه اكتشف “سر الشباب الأبدي” الذي يمكنه من الاستمرار في قيادة النقابة بينما يحرم المتقاعدين من أبسط حقوقهم؟ وربما يفكر بأن تقاعده سيشكل خسارة عظيمة للنقابة، وكأن النقابة ستنهار إن تركها لتستريح قليلاً.
في وقت كان المتقاعدون يأملون بأن يتمتعوا بحياة كريمة بعد سنوات من العمل، نجد المخاريق ينخرط في حوارات اجتماعية متجاهلاً تمامًا مطالبهم، وكأنه يقول لهم: “يا جماعة، الوقت الآن للراحة والنوم، دعونا نتحاور بشأن أمور الأجيال القادمة، أما أنتم فقد فاتكم القطار!”
ربما يعيش المخاريق في عالم موازٍ، حيث لا يحتاج النقابيون إلى التقاعد، وحيث يمكنهم الاستمرار في العطاء (والاستمتاع بالكراسي الوثيرة) إلى ما لا نهاية. أو ربما يرى في نفسه بطلاً خارقًا، يحقق الانتصارات النقابية حتى في أحلامه الليلية.
في النهاية، يبقى السؤال المحير: متى سيتقاعد المخاريق؟ أم أنه سيظل في منصبه حتى يبلغ من العمر عتيًا، ويصبح رمزًا لتحدي قوانين الطبيعة؟ ربما سنراه يومًا في موسوعة “غينيس” كأكبر قائد نقابي في العالم لا يعرف معنى التقاعد، ويدخل التاريخ من أوسع أبوابه كـ”قاهر المتقاعدين.