مجتمع

محن يومية مع بعض سيارات الأجرة بالدار البيضاء

رشيد السرغيني
اصطلح على تسميتها برخصة الثقة. وثيقة تحمل دلالة عن أهمية المهمة الموكلة إلى حاملها. فهل يدرك سائقو سيارات الأجرة مسؤوليات المهنة في التعامل مع الزبائن الراغبين في التنقل من هنا إلى هناك داخل مدينة مترامية الأطراف مثل الدار البيضاء؟ لكن ورغم حمل رخصة تؤكد وضع الثقة في حاملها، موقعة من مصالح العمالة الذين تعيش وتتنفس من خلال المقدمين والشيوخ القادرين على إحصاء تنهيداتنا، أليس من المناسب البحث عن أسباب الفوضى التي ابتليت بها المهنة؟
أسئلة تطرح بإلحاح في الوقت الذي أصبح فيه التنقل يشكل صداعاً لصناع القرار ولمستخدمي وسيلة النقل هذه وهي سيارة الأجرة الصغيرة التي تكاد تصبح ضرورية في رحلاتنا اليومية، بسبب العجز، أو بمبرر عدم توفر أي وسيلة نقل حضري في أوقات معينة.
نتيجة لذلك، يستغل بعض السائقين، وليس جميعهم لحسن الحظ، ذلك لتطبيق القانون، أو لنقل على الأقل خرقه، من خلال زيادة أثمنة الرحلات، والتصرف بوقاحة في بعض الأحيان، واتخاذ مسارات ملتوية وطويلة للغاية، وتحديد سعر الرحلة بأنفسهم دون الحاجة إلى تشغيل العداد، أو حتى رفض السماح للركاب بالصعود إلى الطاكسي عندما يكون عددهم اثنان أو ثلاثة. الأم التي لديها طفلين ليس لديها أي فرصة تقريبًا للعثور على مكان في سيارة أجرة صغيرة.
عديمو الضمير من باقي السائقين هم أكثر قبحا. فهم يجعلون الزبون يصعد وأثناء الرحلة، يطلبون منه، دون تردد، النزول من السيارة دون الحاجة إلى دفع الدراهم القليلة المعروضة على العداد. لكن في الحقيقة، فإنهم يغيرون اتجاههم لملء جيوبهم ورفع مدخولهم، وغالبًا ما يكون ذلك بناءً على دعوة الزبناء الكرماء.
ينضاف إلى نفس الطينة، سائقو سيارات الأجرة الذين يرفضون إركاب زبون تظل وجهته المعلنة هي عبور شارع مزدحم للغاية أو يضم أوراش بناء، والتي، دعونا نلاحظ أنها تكاثرت خلال السنوات الأخيرة بالدار البيضاء، المدينة الكبرى التي تسعى إلى تغيير وجهها وإعادة اختراع نفسها. وهناك أيضًا من يقلد أعوان سائقي الحافلات القديمة (الكيران)، في المناداة على الزبائن عند أبواب محطات السكك الحديدية، محددًا الوجهة التي يختارها السائق نفسه، حيث وفي كثير من الأحيان يحدد السعر نفسه، خاصة بالنسبة للقطارات المسائية. وهم أيضًا يصنعون القانون الخاص بهم تمامًا مثل أولئك الذين يحولون سيارات الأجرة الخاصة بهم إلى وسيلة نقل لجميع أنواع البضائع والطرود الأخرى مقابل أجر سخي.
وهناك أيضًا سائقو سيارات الأجرة ذوو الوجه البغيض رغم أن القانون يشترط عليهم تحسين هندامهم وأيضًا أولئك الذين يفرضون المناقشات البيزنطية على زبنائهم في بداية الرحلة أو حتى يسمحون لأنفسهم دون حرج بالحديث عن ممارسة الأخلاق الحميدة. بل ينصبون أنفسهم أحيانًا كواعظين، وأحيانًا كفلاسفة جيدين للحياة. محنة حقيقية إذن.
وهناك أيضًا من يطلب من زبنائه ترك النقود لهم بعد دفع الأجرة، بدعوى قيلة حيلة اليد والفاقة أو المرض الوهمي.
إنها ممارسات مرضية لا تحترم هذه المهنة النبيلة. الأدهى والأمر كذلك أن المهنيين وممثليهم النقابيين يستنكرون هذه الملاحظة التي تدخل في قاموس الإخلال بالواجب المهني.
وفي السياق ذاته، يشير مصطفى كيحل، الكاتب العام للاتحاد الديمقراطي المغربي للشغل لقطاع الطاكسيات، إلى أن المهنيين ليسوا وحدهم المسؤولين عن هذه الفوضى. ويشير بشكل خاص إلى مجلس مدينة الدار البيضاء الذي يتحمل، حسب قوله، “جزءا كبيرا من المسؤولية في تخطيط النقل الحضري من خلال تشغيل خطوط ترامواي جديدة وأسطول جديد من الحافلات وحافلات بيسواي”.
وأضاف في تصريح ل “دابا ماروك”، أنه “في جميع المشاريع التي تم إطلاقها في مجال النقل الحضري بالدار البيضاء، لم تتم استشارة مهنيي سيارات الأجرة حول مسارات الخطوط المخصصة للترامواي والخطوط الجديدة”. مضيفاً كيف تتوقع أن يتمكن سائقو سيارات الأجرة من العمل بشكل منظم في ظل عدم وجود محطات محجوزة وكافية؟
وليس هذا هو الانتقاد الوحيد الذي وجهه محاورنا الذي أثار أيضا العجز الحاصل في التكوين وتأطير سائقي سيارات الأجرة واستمرار نظام المؤذونيات الذي، حسب قوله، يعيق هيكلة القطاع.
وفي المحور المتعلق بمراقبة ودعم سائقي سيارات الأجرة، يرى كيحل أن الممارسة الحالية غير مناسبة، موصيا بإنشاء صندوق تحت إشراف وزارة الداخلية يتم استخدامه لتمويل التكوين من قبل الممثلين النقابيين والمهنيين في هذا القطاع في الدوائر التابعة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وأكد: “كمهنيين وممثلين نقابيين، نحن ملتزمون بتأطير سائقي سيارات الأجرة بشكل صحيح وبالتالي المساهمة في تحسين الخدمات وتصحيح السلوك المنحرف لبعض سائقي سيارات الأجرة”.
وفيما يتعلق بمسألة المؤذونيات، يرى كيحل أنه “حان الوقت لوضع حد لهذا النظام إذا أردنا حقا النجاح في هيكلة القطاع”. وفي السياق ذاته، يوصي بوضع دفتر تحملات، من خلال التشاور مع المهنيين.

مطالب وتوصيات أخرى يأمل الكاتب العام للإتحاد الديمقراطي المغربي للشغل لقطاع سيارات الأجرة أن تكون موضوع مناقشات جادة ومتعمقة مع السلطات المعنية وبالتالي تكون قادرة على “إعادة تأسيس الحوار. الذي كان متوقفا حتى الآن،”. ومع ذلك، تبقى الحقيقة أن ذلك يرجع جزئيًا إلى الفشل في الامتثال للقانون وسلوك بعض سائقي سيارات الأجرة، وهو ما أدى إلى نجاح خدمة السيارات مع سائق
(VTC) بسرعة احتساب المزيد والمزيد من الزبناء.
لا مزيد من البقاء تحت رحمة أمزجة سائق سيارة الأجرة، ولا مزيد من الانتظار لفترة طويلة، خاصة في وقت متأخر من الليل، للحصول على سيارة أجرة. لأن كل ما عليك فعله هو طلب رحلة عبر أحد التطبيقات من خلال الإشارة إلى مكانك والوجهة المقصودة، حيث تتم معالجة الطلب بسرعة كبيرة ويأتي السائق للقاء الزبون. ومقابل بضعة دراهم إضافية، يتم توفير النقل في أفضل الظروف الممكنة. وليس فقط داخل المحيط الحضري ولكن أيضًا خارج المدينة وفي جميع أنحاء البلاد.
لكن بالنسبة للكيحل، لا تزال هذه الخدمة “نشاطًا سريًا يمثل منافسة غير عادلة”. ويزيد ويقول أن هناك حاجة ملحة إلى وضع قانون مناسب في ظل عدم وجود حظر على هذا النوع من النقل.
يجب أن نتذكر أنها خدمة لا تهدف إلى أن تكون بديلاً أو حتى حلاً للمشاكل التي يواجهها مستخدمو سيارات الأجرة. إنها تظل قبل كل شيء، وسيلة نقل تلبي متطلبات زملاء معينين.
ولسبب وجيه، تبرز سيارة الأجرة باعتبارها وسيلة نقل رئيسية وأساسية. ومع ذلك، هناك حاجة إلى الدعوة للنظام أكثر من أي وقت مضى لتنظيف المهنة واستعادة صورتها، التي شوهتها تصرفات بعض السائقين من عديمي الضمير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى