موحى الزياني: أسد الأطلس الذي هزم الجيش الفرنسي في معركة الهري
دابا ماروك
يُعتبر القائد موحى أوحمو الزياني من أبرز رموز المقاومة في المغرب، وهو أحد الأبطال الذين قدموا دروساً تاريخية في التضحية والنضال ضد الاستعمار الفرنسي. فقد اشتهر هذا القائد الشجاع بقدرته الفائقة على التصدي للقوات الفرنسية، رغم الفرق الكبير في العتاد والقوة البشرية.
موحى الزياني: شخصية مقاومة فريدة
ولد موحى أوحمو الزياني في منطقة الأطلس المتوسط، وتحديداً في قبائل زيان الأمازيغية التي كانت تعيش في أعماق الجبال. شكلت حياة الزياني وسط هذه التضاريس الصعبة شخصيته الصلبة وروحه المقاومة. تعلم في صغره فنون القتال التقليدية، وبرز كقائد عسكري يتمتع بذكاء حربي استثنائي. كان متواضعًا ومحترمًا من طرف القبائل التي كانت ترى فيه قائدًا طبيعيًا لمقاومتها ضد الاحتلال الفرنسي.
معركة الهري: الأسطورة التي كتبها موحى الزياني
معركة الهري التي جرت في نونبر 1914، تُعد من بين المعارك الأكثر شجاعة في تاريخ المقاومة المغربية. كانت القوات الفرنسية، بقيادة الجنرال ليوطي، قد ظنت أن بإمكانها قمع قبائل الأطلس بسهولة، ولكن موحى الزياني كان له رأي آخر.
بالاعتماد على استراتيجيات حرب العصابات والمفاجآت التكتيكية، استطاع موحى الزياني أن يحول ضعف القوة البشرية وقلة العتاد إلى ميزة. وقد كتب صحفيون فرنسيون عن هذا القائد بإعجاب، حيث أشاروا إلى كيفية تمكنه بأسلحة تقليدية، مثل البنادق البدائية والسيوف، من إلحاق خسائر فادحة في صفوف الجيش الفرنسي المدجج بالأسلحة الحديثة.
التحضير للمعركة
استعدادًا لمواجهة الجيش الفرنسي، قام موحى الزياني بتعبئة قواته الصغيرة، ودرس بدقة تحركات الجيش الفرنسي وخططه. عرف بخبرته كيف يستغل التضاريس الجبلية لصالحه، حيث نصب الكمائن وأعد الخطط العسكرية التي جعلت من القوات الفرنسية عرضة لهجمات مفاجئة.
تفاصيل معركة الهري
في ليلة الهجوم، باغت موحى الزياني القوات الفرنسية التي كانت تعتقد أن السيطرة على المنطقة مسألة وقت فقط. هاجم رجال الزياني الفرنسيين في وقت كانوا يعتقدون فيه أن النصر في متناول أيديهم، مما أدى إلى حالة من الارتباك والفوضى في صفوف الجيش الفرنسي. وعلى الرغم من أن عدد قوات موحى الزياني كان محدوداً، إلا أن حنكته العسكرية جعلته قادراً على توجيه ضربات مؤلمة، الأمر الذي أدى إلى مقتل مئات الجنود الفرنسيين، وأجبر الباقين على الانسحاب السريع.
دور القيم التقليدية
تميز موحى الزياني بتوظيف القيم الثقافية والروحية في تعزيز روح المقاومة. فقبائل زيان كانت ترى في الدفاع عن الأرض والشرف واجبًا مقدسًا، وقد جسد هذا الوعي القوي بالتضحية وروح المقاومة إحدى أهم عناصر نجاح معركة الهري.
اعتراف الصحافة الفرنسية بشجاعة موحى الزياني
لم يكن من السهل على الصحافة الفرنسية تجاهل هذا النصر الكبير الذي حققه الزياني. كتب العديد من الصحفيين الفرنسيين عن شجاعة هذا القائد الأسطوري، مشيرين إلى أنه تمكن من هزيمة جيش مدجج بالأسلحة الحديثة باستخدام وسائل بدائية. وقد أبدوا إعجابهم بقدراته العسكرية وحنكته في تنظيم المعركة والتخطيط لها.
إرث موحى الزياني
تبقى معركة الهري رمزًا للمقاومة المغربية، وموحى الزياني تجسيدًا للإصرار والعزيمة في الدفاع عن الأرض والوطن. وبرغم استشهاده في نهاية المطاف، فإن روحه لا تزال تلهم الأجيال القادمة، وتعتبر قصته درسًا في القوة والمقاومة ضد الاستعمار.
ختامًا، يبقى موحى أوحمو الزياني أحد الأبطال الذين صنعوا التاريخ بشجاعتهم وحبهم للوطن، ولا تزال سيرته تُروى بفخر في تاريخ المقاومة المغربية، وهو الذي نجح بفضل إيمانه بقدرة الشعب على الانتصار، في مواجهة جيش كان يعتقد أنه لا يُقهر.