انحدار الأخلاق في أزقة الأحياء الشعبية: بين غياب القيم وتحديات الأمن
دابا ماروك
أصبح واقع الشوارع المغربية والأزقة الشعبية اليوم يعكس صورة مقلقة حول سلوك المراهقين والشباب الصغار، حيث باتت الألفاظ البذيئة والتصرفات غير اللائقة مشهداً مألوفاً. انتشار هذه الظواهر لا يقتصر على الكلام الجارح فحسب، بل يشمل أيضاً مظاهر خارجية كقصات الشعر الغريبة التي لا نعرف مصدرها أو خلفياتها، وكأنها صيحات موضة مستوردة لا تمت بصلة لأية معايير جمالية أو ثقافية معروفة.
الأحياء الشعبية، التي كانت قديماً مراكز للتكافل الاجتماعي والأخلاق الطيبة، أصبحت اليوم مسرحاً لأنشطة مشبوهة تثير القلق. من بين هذه الأنشطة، نجد شباناً يتفاخرون بتعاطي المخدرات علناً، حيث يقومون بإعداد سجائرهم الممزوجة بالحشيش أمام أعين الجميع دون خوف أو رادع. الأمر لم يعد سراً أو محصوراً في زوايا مظلمة بل أصبح مظهراً يومياً في بعض الأزقة، وكأن هؤلاء الشباب يتباهون بما يقومون به، ما يخلق شعوراً مختلطاً بين الشفقة والقلق من مستقبل هذا الجيل.
من المؤكد أن لا أحد يطالب بتواجد أمني دائم في كل حي وزقاق، فهذا أمر غير ممكن عملياً. ولكن الوضع الحالي يتطلب استراتيجيات أمنية متواصلة وفعالة. حملات التمشيط والمراقبة الدورية ضرورية لفرض الأمن واستعادة هيبة القانون في هذه المناطق. لا يكفي أن تأتي حملات متقطعة، بل يجب أن تكون هناك خطة مدروسة لضمان استمرارية الشعور بالأمان والطمأنينة بين سكان الأحياء، الذين يعانون من هذا التدهور الأخلاقي والبيئي بشكل يومي.
إن ما نلاحظه اليوم هو نتيجة لعدة عوامل، منها التغيرات الاجتماعية والاقتصادية السريعة التي شهدها المغرب في العقود الأخيرة. لقد مرَّ جيل كامل بمراحل تحولات عميقة، من انتشار التكنولوجيا والإنترنت إلى التغير في النظام التعليمي والثقافي. ولكن للأسف، يبدو أن الكثير من القيم التي كانت تُزرع في الأجيال السابقة قد تآكلت، تاركة فراغاً أخلاقياً ملحوظاً.
جيل اليوم لا يشبه الأجيال السابقة في العديد من الجوانب، بدءاً من أخلاقه وسلوكه وصولاً إلى نمط حياته اليومية. بينما كانت الأجيال الماضية تلتزم بقيم وتقاليد تحكم سلوكها، يبدو أن جيل اليوم يعيش في عالم لا يعرف حدوداً أو قيوداً أخلاقية واضحة. هذا الفارق بين الماضي والحاضر يثير تساؤلات عميقة حول ما ينتظرنا في المستقبل، وما يمكننا فعله لاستعادة جزء من تلك القيم التي كانت تحفظ نسيج المجتمع من التآكل.
المطلوب اليوم ليس فقط تدخل الأجهزة الأمنية، بل أيضاً تضافر الجهود بين الأسرة، المدرسة، والمجتمع المدني لمحاربة هذا الانحدار الأخلاقي، وتعليم الأجيال الجديدة قيم الاحترام والاعتدال.