مجتمع

إدماج CNOPS في CNSS: توحيد التأمين الصحي أم توحيد طوابير الانتظار؟

دابا ماروك

مشروع قانون رقم 23.54 لإدماج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) قد يبدو وكأنه خطوة “ثورية” لإصلاح قطاع التأمين الصحي، لكن إذا نظرنا بتمعن، قد نجد أنه أقرب إلى محاولة لتبسيط الحياة الإدارية على حساب رفع الضغط عن المواطنين.

في الظاهر، يهدف المشروع إلى توحيد أنظمة التغطية الصحية لضمان خدمات صحية أفضل وسهولة في الوصول إليها، وهو ما يبدو على الورق خطوة عظيمة. من الناحية النظرية، سيتحول المشهد الصحي إلى “واحة” حيث يجد كل مؤمَّنٍ نفسه يتلقى العلاج بكرامة وسلاسة، دون أن يضطر إلى الخوض في متاهات البيروقراطية.

لكن لنكن صريحين، هل تساءل أحد عن مصير تلك المتاهات البيروقراطية التي نعيش معها قصة حب وكراهية منذ عقود؟! الإدماج المقترح قد يفتح الباب أمام مزيد من الإجراءات المعقدة والمواعيد الطويلة لدى المراكز الصحية، حتى يصبح زيارة الطبيب مثل محاولة الحصول على تذكرة لحفلة موسيقية نادرة – تحتاج إلى تخطيط مسبق، ونفس طويل، والكثير من الحظ.

كما قد نشهد، بعد هذا الإدماج، تحولات مشوقة في عالم التأمين الصحي، مثل ظهور “بطل” جديد على الساحة: صندوق الضمان الشامل للأوراق المفقودة، الذي سيكون اختصاصه البحث عن الملفات الطبية التي ضاعت في الطريق بين CNOPS وCNSS. وسيكون شعاره: “قد تجد العلاج… وقد لا تجد الملف”.

وماذا عن المساواة بين المواطنين؟ هنا تظهر “اللمسة المغربية”. الإدماج سيمنح الجميع الفرصة نفسها: فرصة الانتظار في طابور طويل أمام مكاتب التأمين، أو فرصة البحث عن طبيب مختص قبل أن تصل إلى سن التقاعد.

باختصار، مشروع القانون رقم 23.54 هو خطوة نحو “البساطة المعقدة”، حيث نسعى لتوحيد أنظمة التأمين الصحي ولكن مع الإبقاء على تلك الجرعة المعتادة من التعقيدات التي نعشقها، لأننا في النهاية مغاربة ونحب أن تكون حياتنا دائمًا مليئة بالتحديات – حتى لو كانت في البحث عن استمارة طبية ضائعة.

ما رأيك؟ هل تعتقد أن المشروع سيسهم في حل مشاكل التغطية الصحية، أم أنه مجرد محاولة جديدة للتجديد دون تغيير جذري؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى