العنف المنزلي في المغرب: كيف يتجاوز التعليم والطبقات الاجتماعية ليشكل أزمة حقيقية في البيوت
دابا ماروك
العنف المنزلي ليس مجرد مشكلة تقتصر على طبقات اجتماعية معينة أو مستوى تعليمي محدد؛ بل إنه ظاهرة تتجاوز هذه الفروق. فقد أكدت الدراسات والتقارير أن العنف المنزلي يمس مختلف فئات المجتمع، بما في ذلك المتعلمين والمثقفين، وليس فقط من يعانون من نقص في التعليم أو الوعي. هذه الظاهرة ليست مقتصرة على الجهلة، بل تشمل أيضًا الأفراد ذوي المستوى التعليمي العالي الذين قد يكون لديهم بعض الانطباعات السلبية حول كيفية التعامل مع الضغوطات.
تظهر حالات عديدة في المجتمع، حيث يتمثل العنف في أشكال متعددة. فمثلاً، هناك أزواج يعودون إلى منازلهم بعد قضاء وقت في الاجتماعات أو جلسات الترفيه، ليتحولوا إلى مصدر للعنف والإساءة تجاه زوجاتهم وأطفالهم. يمكن أن يصبح المنزل مكانًا مليئًا بالصراعات والإهانات، لدرجة أن البعض يقارن الوضع ببيئات العمل القاسية أو حتى بممارسات العنف التي كانت شائعة في “كوميسيريات السبعينات”. هذه الحالات تشير إلى مدى تنوع أساليب العنف وكيف أن ظاهرة العنف المنزلي لا تتعلق فقط بمستوى التعليم أو خلفية اجتماعية، بل هي مشكلة تتطلب فهماً أعمق لحلها والوقاية منها.
كل حالة من حالات العنف المنزلي يمكن أن تكون فريدة من نوعها، تتنوع من حيث الأسباب والآثار والتعامل معها، مما يجعل من الضروري التعاطي مع هذه القضية بجدية وفهم شامل.
الصمت حول العنف المنزلي هو موضوع بالغ الأهمية ومعقد. في المغرب، كما في العديد من الأماكن الأخرى، يعتبر هذا الموضوع من المواضيع التي غالباً ما يتم تجاهلها أو التقليل من شأنها، لأسباب عدة. دعنا نستعرض بعض جوانب هذه الظاهرة:
- أسباب الصمت حول العنف المنزلي:
- الوصمة الاجتماعية: في كثير من الأحيان، يُنظر إلى الضحايا على أنهم السبب في العنف الذي يتعرضون له، مما يزيد من شعورهم بالعار والخوف من الإبلاغ.
- الضغوط الثقافية: تفرض بعض القيم الثقافية والتقاليد في المغرب احترام الأسر وحمايتها من التدخل الخارجي، مما يجعل من الصعب على الضحايا البحث عن المساعدة.
- عدم الثقة في النظام القضائي: قد يشعر الضحايا بعدم الثقة في النظام القضائي أو السلطات بسبب تجارب سابقة أو تصور أن النظام لن يقدم لهم العدالة.
- تأثير العنف المنزلي على الضحايا:
- الصحة النفسية: يمكن أن يتسبب العنف في اضطرابات نفسية خطيرة مثل الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة.
- الصحة البدنية: العنف الجسدي يمكن أن يؤدي إلى إصابات جسدية مستمرة وقد يسبب مشاكل صحية طويلة الأمد.
- العزلة الاجتماعية: قد يشعر الضحايا بالعزلة عن المجتمع والأصدقاء والعائلة، مما يزيد من صعوبة طلب المساعدة.
- جهود مكافحة العنف المنزلي:
- التشريعات: هناك جهود تشريعية في المغرب لمحاربة العنف المنزلي، مثل قانون 103-13 الذي يهدف إلى حماية النساء من العنف. ولكن، يبقى هناك حاجة إلى تحسين التطبيق الفعلي للقوانين.
- المنظمات غير الحكومية: تعمل العديد من الجمعيات على توعية المجتمع وتقديم الدعم للضحايا. برامج الدعم والملاجئ يمكن أن تكون مهمة جداً في تقديم المساعدة.
- التعليم والتوعية: زيادة الوعي العام وتعليم الأفراد حول العنف المنزلي وكيفية التصدي له يمكن أن يساعد في كسر دائرة الصمت.
- خطوات للتغيير:
- تعزيز الدعم القانوني: تحسين الخدمات القانونية للضحايا وتقديم المساعدة لهم يمكن أن يشجع المزيد من الأشخاص على التبليغ.
- زيادة الوعي العام: حملات التوعية والتثقيف يمكن أن تساعد في تغيير التصورات المجتمعية حول العنف المنزلي.
- دعم ضحايا العنف: توفير الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا يمكن أن يساعدهم على التعافي واتخاذ خطوات لتغيير وضعهم.
إن معالجة قضية العنف المنزلي تتطلب مجهودًا جماعيًا من المجتمع بأسره، بما في ذلك السلطات المعنية، المنظمات غير الحكومية، والمجتمع المدني. فالصمت ليس حلاً، والكشف عن هذه الظاهرة ومعالجتها يمكن أن يساعد في خلق مجتمع أكثر أمانًا وصحة.