مجتمع

بين الميوعة والمصداقية: تساؤلات حول توجهات الإعلام وتأثيرها على الثقافة العامة

دابا ماروك

الاستهلال:

في زمن أصبحت فيه وسائل الإعلام تتسم بتنوع هائل وتغطي طيفًا واسعًا من المواضيع، يبرز سؤال أساسي حول الدور الذي تلعبه هذه الوسائل في تشكيل ثقافة المجتمع ووعي الجمهور. فقد كانت قنوات اليوتيوب، على كثرتها، في طليعة الاتهامات بتكريس ثقافة الميوعة ونشر المحتوى التافه. ومع ذلك، لم تقتصر هذه الظاهرة على المنصات الرقمية فقط؛ بل باتت بعض المواقع الإخبارية التي كنا نأمل فيها أن تكون منارات للمصداقية، تتبع نهجًا مشابهًا في تغطيتها. بينما تتعامل هذه المواقع مع بعض الفنانين والمغنيات كما لو كانوا نجوماً عالميين، تتجاهل بشكل ملحوظ الفنانين الكبار الذين ساهموا بشكل فعّال في إثراء الساحة الفنية. هذا التفاوت في التغطية يثير تساؤلات حول مدى التزام هذه الوسائل بمعايير المصداقية والجدية، والتأثيرات المحتملة لهذا التوجه على ثقافة المجتمع وقيمه.

  1. الأخبار والمصداقية: من الواضح أننا نشعر بالإحباط تجاه بعض المواقع الإخبارية التي تنقل الأخبار دون إضافة أي قيمة أو تعليق. من المؤسف أن بعض المنابر الإعلامية قد تكتفي بنقل الأخبار كما هي دون تقديم تحليل أو سياق إضافي، مما يحد من القيمة المضافة التي يمكن أن تقدمها الأخبار للقراء.
  2. التفاوت في التعامل مع الفنانين: يبدو أنك تلاحظ تفاوتًا في الطريقة التي يتم بها تغطية أنشطة بعض الفنانين مقارنة بآخرين. قد يكون السبب في هذا التفاوت هو تباين شعبية الفنانين أو الاستراتيجيات التحريرية للمواقع الإخبارية. بعض المواقع قد تختار التركيز على الأسماء التي تحظى بجاذبية أكبر للجمهور أو التي يمكن أن تجذب أكبر عدد من الزوار، مما قد يؤثر على كيفية تقديم الأخبار والتقارير.
  3. التفاهة مقابل الجدية: هذا بالإضافة إلى مشكلة أوسع تتعلق بالمحتوى الذي يُقدّم وكيفية تأثيره على الجمهور. ربما تشعر بأن بعض وسائل الإعلام تتبنى أساليب تتسم بالتفاهة أو الاستعراض بدلاً من التركيز على المحتوى الجاد والمفيد. هذا قد يكون بسبب ضغوط تجارية أو رغبة في جذب أكبر عدد من المشاهدين أو القراء.
  4. تأثير الإعلام على الثقافة: وسائل الإعلام تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الثقافة العامة والوعي. إذا كان الإعلام يركز بشكل كبير على المحتوى الاستعراضي أو المثير للجدل بدلاً من تقديم محتوى هادف وجاد، فقد يؤثر ذلك على توجهات الجمهور ومفاهيمه.

العمل على تحسين جودة المحتوى الإعلامي يتطلب جهودًا من جميع الأطراف: من الصحفيين والإعلاميين إلى القراء والمشاهدين. بل يمكن أن يسهم النقد البناء والمطالبة بمحتوى أفضل في دفع وسائل الإعلام نحو تقديم محتوى أكثر مصداقية وفعالية.

إن الصحافة الجادة والهادفة ليست بحاجة إلى البحث عن “جيش عرمرم” من القراء الذين يستهويهم المحتوى السطحي أو الاستعراضي. بدلاً من ذلك، يكفي للصحفي أن يوجه جهوده نحو مخاطبة جمهور محترم ومتعطش للمحتوى القيم والجاد. فعندما يلتزم الصحفيون بالمهنية والصدق، فإنهم يجذبون قراءً يسعون إلى تحليلات عميقة وأخبار موثوقة، بدلاً من الانشغال برضا جمهور عابر قد ينجذب فقط إلى الإثارة والابتذال. الصدق والجودة في الصحافة ستجلب معها جمهورًا صادقًا ومخلصًا، وهو ما يصب في مصلحة الإعلام والمجتمع على حد سواء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى