مجتمع

أساتذة اللغة العربية في فرنسا: من رُسل الوطن إلى رهائن البيروقراطية!

دابا ماروك

بأسلوب قد يثير ضحكًا يختلط بالدموع، يبدو أن أساتذة اللغة العربية والثقافة المغربية الذين تم إرسالهم كـ”رسل حضارة” إلى فرنسا، وجدوا أنفسهم فجأة يتحولون إلى رهائن للبيروقراطية المغربية. هؤلاء الذين حملوا على عاتقهم مهمة “ربط الأجيال الناشئة في المهجر بجذورهم”، يجدون أنفسهم اليوم بلا جذور ثابتة في وطنهم الأصلي، وبدلاً من تلقي الشكر والتقدير، يحصلون على جرعات يومية من الغموض والقلق الإداري.

السيناريو الكوميدي الحزين

تصور مشهدًا: معلم في فرنسا، يُدعى “الأستاذ سعيد”، يبدأ يومه بتدريس حروف الأبجدية المغربية لأبناء الجالية، لكنه ينهي يومه بقراءة بريد إلكتروني من وزارة التربية الوطنية يحمل رسالة ضمنية مفادها: “طلبك معلق لأن موظفينا في إجازة صيفية!”.

سعيد وزملاؤه الذين كانوا يظنون أن الاستيداع حق قانوني وليس مغامرة بيروقراطية، يواجهون معضلة غريبة: ماذا تفعل حين يصبح البند القانوني الذي يعول عليه الموظفون مجرد فقرة خيالية في عالم الواقع؟

مذكرة وزارية أم ورقة يانصيب؟

أصدرت الوزارة سابقًا مذكرة وزارية تتيح الاستفادة من الاستيداع، لكنها اليوم تبدو وكأنها ورقة يانصيب يفوز بها البعض ويخسرها آخرون. وبينما استفاد زملاء هؤلاء الأساتذة في السنوات الماضية بسرعة وشفافية، يبدو أن الفئة الحالية تقف في طابور طويل دون حراك، وكأنهم ينتظرون الدخول إلى حفل لم تصل دعواته بعد.

التبريرات الإدارية: كوميديا سوداء!

تبرر الوزارة التأخير بطرق تفوق الخيال الساخر:

  1. “الموظفون في إجازة” – وكأن الوزارة لا تعلم أن العام الدراسي لا يأخذ عطلة صيفية.
  2. “القرار لم يصدر بعد” – عبارة تعادل قول: “نحن مشغولون بالنظر إلى السقف.”
  3. “هناك حالات سابقة أولى بالدراسة” – وكأن الحقوق ليست متساوية بين الموظفين.

المعادلة الصعبة: الأسرة أم الوطن؟

ما يزيد الطين بلة هو أن العديد من هؤلاء الأساتذة يعيشون في ظروف عائلية صعبة، بعضهم يعاني مشاكل صحية، وآخرون يكافحون لتدريس أبنائهم الذين يواجهون امتحانات حاسمة. وبينما يطالبون بحقوقهم القانونية، يجدون أنفسهم بين مطرقة الوزارة وسندان الاستقرار الأسري.

مطالبهم البسيطة (ولكن الصعبة!)

يطالب الأساتذة بقرارات فورية تنهي هذا العبث الإداري:

  1. التسريع في البت بطلبات الاستيداع.
  2. تحقيق العدالة والمساواة في الاستفادة من الحقوق.
  3. إعادة النظر في قرارات ترك الوظيفة التي صدرت دون مبررات واضحة.

الصورة الكبيرة: درس في التناقض

من المفترض أن تكون مهمة هؤلاء الأساتذة نشر اللغة والثقافة المغربية، لكنهم اليوم يمثلون درسًا حيًا في فن التناقض المغربي: تصدر الوزارة توجيهات بتحسين ظروف الموظفين، لكنها تتركهم ضحية لبيروقراطية لا ترحم.

الخاتمة: مَن يستحق التقدير؟

في نهاية المطاف، يبدو أن هؤلاء الأساتذة لم يخطئوا فقط في اختيار المهنة، بل ربما في فهم معنى “تقدير جهود الموظف”. وربما على الوزارة أن تضع لافتة جديدة على مكاتبها تقول: “نحن هنا لتعقيد حياتك… شكرًا لتفهمك!”

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى