مجتمع

ترحيل سكان دوار سيدي عبد الله بلحاج: تحديات وتوقعات في مسار إعادة التوطين

دابا ماروك

بعد عملية ترحيل وإعادة إسكان سكان دواوير الريكي واحسيبو والجديد بمنطقة سيدي حجاج، التي تعد من بين المشاريع الكبرى التي تندرج ضمن سياسة إعادة التوطين وتطوير الأحياء السكنية في المدن الكبرى بالمغرب، أصبحت الأنظار تتوجه إلى دوار سيدي عبد الله بلحاج الواقع على الطريق الساحلي بتراب مقاطعة عين السبع، الذي يعد من المناطق السكنية القديمة والتي لا تزال تشهد كثافة سكانية مرتفعة. هذه المنطقة، مثل العديد من الدواوير الأخرى في المدن المغربية الكبرى، تعاني من عدة تحديات أبرزها نقص الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والماء الصالح للشرب، بالإضافة إلى مشكلات البنية التحتية التي تؤثر بشكل كبير على جودة حياة السكان.

في هذا السياق، دخلت عمالة الحي المحمدي- عين السبع على الخط من خلال إعطاء أوامر بإعطاء أجل لمغادرة السكان في غضون شهر مارس القادم، وهو ما يثير العديد من الأسئلة والتحديات المتعلقة بتنفيذ هذه القرارات ومدى استعداد السكان للاستجابة لهذه الإجراءات. يضاف إلى ذلك أن دوار سيدي عبد الله بلحاج، وبحسب الأرقام المتوفرة، يضم ما يناهز 4700 براكة تقريبا، وهي بيوت قديمة جدا غير مؤهلة للسكن وتفتقر لأبسط شروط العيش الكريم.

هذا القرار يثير العديد من التساؤلات حول مصير هؤلاء السكان الذين يعيشون في ظروف صعبة، حيث أن عملية ترحيلهم وإعادة إسكانهم في مناطق أخرى قد تكون مصحوبة بمشاكل عديدة، خاصة في ظل غياب خطة مدروسة تضمن لهم الحصول على مساكن لائقة وشروط حياة أفضل. قد يواجه السكان صعوبة في الانتقال إلى أماكن جديدة في وقت قصير، حيث أن العديد منهم يعتمد على هذا المكان كمصدر رزق، سواء كان من خلال التجارة أو العمل في المهن الحرفية، وبالتالي فإن قرار الترحيل قد يؤثر بشكل كبير على قدرتهم على توفير قوت يومهم.

من ناحية أخرى، يتعين على السلطات المحلية ضمان توفير حلول سكنية بديلة تتماشى مع الاحتياجات الحقيقية لهذه الفئات الاجتماعية. فإعادة الإسكان لا تقتصر فقط على توفير مساكن جاهزة، بل يجب أن تشمل أيضا توفير البنية التحتية والخدمات الأساسية، مثل التعليم، والصحة، والنقل، وغيرها من الخدمات التي تضمن تكامل العملية التنموية والاجتماعية.

ومن جانب آخر، يتعين على الدولة والمجتمع المدني العمل سويا لضمان أن عملية الترحيل لن تؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية. فالمتطلبات الاجتماعية والتأثيرات النفسية لمثل هذه العمليات تكون عميقة وقد تستغرق وقتا طويلا للتعافي. كما أن عملية الترحيل قد تكون بمثابة خطوة نحو تحسين الأوضاع، لكن لابد من مراعاة البعد الإنساني في مثل هذه القرارات الكبيرة التي تتعلق بمستقبل الآلاف من الأفراد والعائلات.

أضف إلى ذلك أن العديد من هذه المناطق المتضررة من الترحيل تتسم بوجود نشاطات اقتصادية معينة، مثل الأسواق الشعبية أو المحلات التجارية التي يعول عليها السكان كمصدر رزق. فإذا لم يتم التفكير في كيفية خلق فرص عمل جديدة في المناطق المستحدثة أو توفير دعم للمشاريع الصغيرة، قد تنشأ مشاكل اقتصادية تضاف إلى التحديات الاجتماعية القائمة.

إن عملية الترحيل هذه ليست مجرد مسألة سكنية بحتة، بل تتطلب تنسيقا شاملا بين مختلف الفاعلين المحليين والجهويين لضمان نجاح العملية وضمان عدم ترك السكان في وضع هش من خلال توفير الدعم المناسب لهم في مختلف المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى