مجتمع

من مأساة سيدي بنور إلى مأساة مجتمع: حكاية وطن يحتضر بين سطور العنف الأسري

دابا ماروك

لا شك أن تفاصيل الجريمة المروّعة التي شهدها إقليم سيدي بنور تتركنا في حالة صدمة، لكنها ليست سوى عرض من أعراض أزمة أعمق يعاني منها المجتمع المغربي. هذه الحادثة ليست مجرد مأساة أسرة، بل هي مرآة تعكس تآكل الروابط الأسرية، وانهيار قيم التسامح، وتفشي ثقافة العنف كأسلوب “حل” للصراعات.

عنف… تحت سقف واحد

رب أسرة يتحول إلى قاتل، وضحية لم تكمل ربيعها الثاني تصبح عنوانًا لخبر تتناقله الألسن. مشهد عبثي ينافس أكثر السيناريوهات التراجيدية قسوة، حيث لا الجيران تدخلوا، ولا القوانين ردعت، ولا حتى “المفاوضات” الأمنية أنقذت روح الطفلة.

أزمة قيم أم أزمة سياسات؟

هل نحن أمام أزمة أخلاقية ناتجة عن ضعف التعليم والتربية؟ أم أن سياساتنا الاجتماعية والاقتصادية فاقمت هذا التدهور؟ الأسر المتفككة، غياب آليات الدعم النفسي والاجتماعي، وانتشار الفقر كالنار في الهشيم، كل ذلك يجعل هذه الجرائم بمثابة قنبلة موقوتة.

“الشرف” المزعوم والعدالة الغائبة

مطالب الأب التي تضمنت التنازل عن الحضانة والنفقة، تكشف عن فهم مريض لفكرة “الشرف”. وكأن الطفلة البريئة كانت مجرد ورقة ضغط أو أداة انتقام! أين القانون في هذه المساومات؟ وأين دور السلطات في حماية الضحايا؟

حان وقت التحرك

على المجتمع والدولة معًا أن يواجها هذه المآسي بجدية. إصلاح المنظومة القضائية لتكون أكثر حزمًا في قضايا العنف الأسري، توفير دور حماية للأطفال والنساء، وتعزيز التوعية بقيم التفاهم والتسامح، هي خطوات ملحّة إذا أردنا أن نتجنب تكرار هذه الكوارث.

خاتمة بمرارة

بينما تُكتب هذه السطور، ربما تُنسى الطفلة في زحمة الأخبار، لكن هل نحتاج حقًا إلى جريمة جديدة حتى نبدأ الحديث عن الإصلاح؟ يبدو أن “إصلاح الأسرة” عندنا يبدأ فقط بعد فوات الأوان، حين تصبح دماء الأبرياء هي الحبر الذي نكتب به دروسًا لن نتعلمها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى