المطلوب عامل بديل على وجه السرعة على رأس عمالة سطات: حفظًا على ماء وجه السلطة
دابا ماروك
في عالم السياسة والإدارة، حيث يُنتظر من المسؤولين أن يتحلوا بالحكمة والبصيرة، جاء عامل سطات ليبهر الجميع بتصرفاتٍ تُظهر، بكل وضوح، خلطًا بين السلطة والجبروت. وبطريقة غير لائقة، أظهر هذا المسؤول سلوكه الذي يشبه مشهدًا من أفلام الأكشن، إذ يعتقد أن القوة تكمن في فرض الهيبة عبر القهر والترهيب. لكن، كما يعلم الجميع، القوة الحقيقية لا تأتي من التنمر على الآخرين و”التدخل” في صفقات المصالح الخارجية، بل من القدرة على القيادة الفعّالة والتعامل الراقي مع جميع الأطراف.
الأزمة: من الفيديو إلى الإهانة العامة
لنُذكر الجميع بالفيديو الذي انتشر سريعًا، والذي يظهر فيه عامل إقليم سطات، إبراهيم أبو زيد، وهو في حالة مواجهة مع المدير الإقليمي لوزارة التعليم، عبد العالي السعيدي. تلك اللحظات التي كان يُعتقد أنها ستُسجل في تاريخ الإدارة كـ “عرض قوي” لشخصية العامل، لم تكن في الواقع سوى استعراض ساذج لسلطة فارغة. كيف يمكن لشخص في منصب رسمي أن يظهر بهذه الطريقة؟ وكيف لم يفهم بعد أنه بذلك ليس فقط يهين الآخر بل يهين المؤسسة التي يمثلها؟
هذه التصرفات ليست غريبة على ثقافة “السلطة الفائقة” التي يعتقد بعض المسؤولين أنها تكمن في الكلمات الجارحة والمواقف القاسية. لكن من الواضح أن هذه السلطة هي مجرد قناع هش يخفي وراءه أمورا لا تخفى على دوائر المتابعة وضعفًا في الإدارة وعدم قدرة على التعامل مع المواقف بطريقة موضوعية. حين يتعرض مسؤول آخر للتهجم بهذه الطريقة، يتم إظهار صورة قبيحة لا تعكس سوى العجز الإداري، بعيدًا عن الحكمة والرصانة التي يتطلبها المنصب.
التصرفات التي تضر أكثر مما تنفع
الذين يشاهدون مثل هذا الفيديو لا يرون إلا الفوضى والتصعيد المبالغ فيه. يبدو أن العامل قد نسي أنه لا يملك القوة الحقيقية في كلماته القاسية، بل في قدرته على فرض النظام، التفاهم البريء، وإدارة المواقف بكفاءة واحترافية. لكن بدلاً من أن يُظهر نفسه كقائد حكيم، أتى بما يضر صورته وصورة الدولة المغربية.
هذا النوع من التصرفات لا يؤثر فقط على الأشخاص المعنيين مباشرة، بل يلقي بظلاله على صورة السلطة بشكل عام. فالمواطنون لا يرون فقط عاملًا يعتقد أن بإمكانه فرض الاحترام بالقوة، بل يرون شخصًا غير قادر على تسيير الأمور بشكل يليق بمسؤول في منصبه.
الدور الذي يجب أن يقوم به المسؤول
لا بد أن يتعلم هؤلاء المسؤولون أن فرض القوة بالكلمات فقط لا يعكس أي نوع من القيادة الفعّالة. على العكس، القوة الحقيقية تكمن في القدرة على إظهار احترام متبادل، وفهم حقيقي لمتطلبات العمل الجماعي، وتوجيه الفرق والمواطنين نحو التقدم بأفضل الأساليب الممكنة.
لذلك، نحتاج إلى “عامل بديل” يكون قادرًا على فرض الهيبة ليس من خلال التهديد والترهيب، بل من خلال العمل الجاد، التواصل الفعّال، والتزامه بأخلاقيات العمل. إن المطلوب اليوم هو شخص يتفهم أن المسؤولية ليست ساحة للتنمر أو إظهار القوة الزائفة، بل هي فرصة لخدمة الوطن والمواطنين بأعلى درجات الاحترام والمهنية.
الإصلاح: الخيار الوحيد للمستقبل
إن الأمل في إصلاح هذا الوضع يكمن في إجراء تغيير حقيقي على مستوى القيادة في عمالة سطات، بحيث يكون العامل القادم شخصًا قادرًا على استعادة صورة السلطة المفقودة. يجب أن يكون هذا المسؤول نموذجًا يحتذى به في الحكمة، التواضع، والإبداع في إدارة الأمور. في النهاية، فإن قوة المسؤول لا تقاس بحجم صوته أو عدد الكلمات الجارحة التي ينطق بها، بل بمقدار قدرته على إلهام الثقة والعمل المشترك.
المسؤولية الحقيقية ليست في إظهار “عضلاتك” أمام الآخرين، بل في قدرتك على إدارة المواقف بكفاءة، واحترام الكفاءات المختلفة، والعمل على تسهيل حياة الناس. وبدلاً من التصرفات التي تُظهر العجز، يجب أن يكون المسؤول في قلب الإصلاحات التي تهدف إلى خدمة المجتمع وتطويره.
في ختام المقال، نقول: الإصلاح يبدأ بتغيير العقليات، والمطلوب عامل بديل يكون درسا في كيفية احترام المرؤوسين والمواطنين والعمل على تحفيز التطوير والنمو، بعيدًا عن الأساليب التي تؤدي إلى الكراهية والفتن.