مجتمع

عضلات كلامية في ميدان الإدارة: درس في الأخلاق لعامل سطات

دابا ماروك

أهلاً وسهلاً بك، أيها العامل المغوار، الذي لا يترك فرصة إلا ويظهر فيها عضلاته في تصرفات هزلية تكشف عن “القوة” والتفوق الوهمي الذي يعتقد أنه يمتلكه. دعني أخاطبك بأسلوب ساخر وتهكمي، لعلك تستوعب الرسالة بشكل أعمق وأوضح، وتفهم أن “العضلات” التي استعرضتها على المدير الإقليمي ليست سوى نسخة مبتذلة من قوتك الهشة، تماماً كما يفعل الشخص الذي يقف أمام المرآة ليطيل عضلاته أمام نفسه ثم يتخيل أنه أصبح بطلاً خارقاً.

دعونا نبدأ من الفيديو الذي انتشر كالنار في الهشيم، والذي يظهر فيه عامل إقليم سطات إبراهيم أبو زيد وهو يتعامل مع المدير الإقليمي لوزارة التعليم، عبد العالي السعيدي، وكأنهما في صراع مصارعة حرة في الساحة، بينما الحقيقة أن ذلك كان مجرد استعراض سيء لمهارات لا تليق بمسؤول رسمي. أعتقد أنه إذا كانت هناك جوائز للجهل الإداري والوقاحة في التعامل مع الموظفين، فلابد أن يكون اسمك مطبوعاً على الجائزة الكبرى، لكن يبدو أنك تفضل أن تكون “بطل” الفيديوهات بدلاً من أن تكون شخصاً يحترم القيم الإنسانية والوظيفية.

أنت، بالطبع، “زعيم” المعركة الكلامية، الذي يعتقد أنه يستطيع قهر كل من يعترض طريقه بأسلوب لا يتسم إلا بالتسلط. لكن دعنا نخبرك، أنه عندما يخاطب الإنسان أحدهم بهذه الطريقة، فهو لا يبين سوى نقصه الشخصي وعجزه عن إدارة المواقف بكفاءة. كيف لك أن تظن أن أسلوبك هذا سيُعجب الناس؟ وهل تعتقد حقاً أن هناك فئة من البشر التي تستمتع بهذا النوع من التهجم اللفظي؟ للأسف، المواقف التي تعرضت لها تظهر لنا بكل وضوح أنك تظن نفسك صاحب السلطة العليا، بينما أنت في الواقع لا تمتلك إلا جبروت الكلمات الباطلة.

هل تظن أن التنمر على المسؤولين الآخرين هو الذي سيجعلك تبدو أكثر قوة؟ الحقيقة المؤلمة هي أنك جعلت نفسك محط سخرية ورفض من قبل الجميع. فأنت – بتصرفك هذا – أهنت ليس فقط هذا المسؤول، بل أهنت كل من هو في منصب مشابه، بل حتى شريحة كبيرة من موظفي القطاع العام الذين يعملون بجد بعيداً عن الأضواء، دون أن يتلقوا هذه الإهانات غير اللائقة. لأن الحقيقة التي لا يمكنك تجاهلها هي أن الذين يعملون في مجال التعليم هم من يصنعون الأجيال، بينما أنت – الذي يتفاخر بوقاحته – لا تعدو كونك مجرد حلقة في سلسلة طويلة من البيروقراطية المملة التي تستهلك الوقت وتقتل الطموحات.

ربما تجد في تصرفك بعض “الزخم” والمجد الزائف، لكن جلالة الملك – الذي تسعى، ربما عن غير قصد، للظهور أمامه كـ”رجل قوي” – يعلم يقيناً أن السلطة لا تكمن في إهانة الآخرين، بل في تقديرهم واحترامهم. وإذا كنت تظن أن القوة تظهر فقط في تحطيم الآخرين، فدعنا نخبرك بأن القوة الحقيقية تظهر في القدرة على الحوار الراقي، والتفاهم، والاحتكام إلى المساطر القانونية والإدارية التي تعطي لكل طرف حقه.

وأخيراً، تذكر أن اللباقة واللياقة هما عنوان القوة الحقيقية لأي مسؤول. ففي الوقت الذي كنت تسعى فيه لإظهار “عضلاتك اللفظية”، كنت في الواقع تُظهر ضعفاً واضحاً في إدارة المواقف. ويبدو أن هذا الدرس – وهو درس في الأخلاق والتعامل الرفيع – لم يمر عليك بعد. لذا، في المرة القادمة التي تشعر فيها برغبة في استعراض عضلاتك على من حولك، تذكر أنك لا تستطيع أن تفرض احترامك على الآخرين بالقوة، بل تبني هذا الاحترام بالتواضع والإبداع والإدارة الحكيمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى