سياسة

نظام الاقتراع عن طريق اللائحة: عيوب تؤثر على الديمقراطية وتمثل تهديدًا للتمثيل الحقيقي

دابا ماروك

في كل دورة انتخابية، يطرح نظام الاقتراع عن طريق اللائحة نفسه كأداة رئيسية لتمثيل الإرادة الشعبية في المغرب. ومع مرور الوقت، أصبح من الواضح أن هذا النظام يفرز نتائج لا تعكس تطلعات المواطنين بشكل دقيق، بل قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج معاكسة تمامًا. ففي حين كان يُفترض أن يكون هذا النظام وسيلة لتعزيز الديمقراطية وتمثيل مختلف الشرائح المجتمعية، تبين أنه يسهم في تعزيز الانتهازية السياسية ويشجع على شراء الأصوات، مما يضعف المسلسل الديمقراطي ويهدر الفرص لإحداث تغييرات حقيقية. في هذا السياق، سنستعرض بعض العيوب البارزة لهذا النظام الذي يكرس فشلًا واضحًا في تحقيق التمثيل العادل والكفاءة المطلوبة في الحياة السياسية.

نعم، يمكن القول إن نظام الاقتراع عن طريق اللائحة في الانتخابات المغربية قد أثبت العديد من العيوب التي تؤثر بشكل كبير على المسار الديمقراطي. إليك أبرز هذه العيوب:

  1. تعزيز ظاهرة الانتهازية السياسي الانتهازيينة: من أبرز العيوب التي تفرزها اللوائح هو أن هذا النظام يُسهل ترأس الجماعات الترابية ودخول السياسيين إلى البرلمان. عندما يتم التصويت على أساس اللائحة، يُمنح الأولوية للأحزاب التي تمتلك موارد مالية، مما يسمح لعدد من الشخصيات السياسية، سواء كانت ذات كفاءة أم لا، بالوصول إلى مناصب متقدمة. في بعض الأحيان، نجد أن الأشخاص الذين لا يتمتعون بشعبية محلية أو كفاءة سياسية، لكنهم يتزعمون اللوائح، يصبحون مرشحين ناجحين بناءً على المال أو قاعدة الحزب، وليس على أساس استحقاقاتهم الشخصية. هذا يساهم في تعزيز هيمنة الأحزاب على الساحة السياسية، مما يضعف التنافسية ويقلل من فرص ظهور وجوه جديدة ومؤهلة تمثل مصالح المواطنين بشكل أفضل. يصوت الناخبون لمرشح أو لائحة كاملة، مما يمنح الأولوية للأحزاب التي تمتلك مصادر مالية، وبالتالي يتم اختيار مرشحين قد لا يكون لديهم الكفاءة أو التقدير الكافي لخدمة المجتمع، لكنهم ينجحون بفضل الدعم الذي يوفره مرشحون قد يكونوا في أسفل اللائحة.
  2. شراء الأصوات وتوجيه الناخبين: في الانتخابات باللائحة، يمكن للأحزاب تنظيم حملات انتخابية ضخمة تمول من مصادر غير شفافة، مما يؤدي إلى شراء أصوات الناخبين أو توجيههم بطريقة غير نزيهة. هذا يحد من حرية الناخبين في اتخاذ القرار ويجعلهم في موقف ضعيف أمام الأحزاب.
  3. عدم تمثيل حقيقي للناخبين: النظام اللائحي يعكس في كثير من الأحيان رغبات الأحزاب السياسية وليس إرادة الناخبين الفردية. قد يحصل ناخب على خيار غير متوافق تمامًا مع تطلعاته، مما يضعف التمثيل الفعلي للناخبين.
  4. التقليص من المسؤولية الفردية: عندما يتم التصويت عبر اللائحة، يغيب الشعور بالمسؤولية الفردية للمرشح تجاه ناخبيه. في حالة الإخفاق أو الفشل في تقديم الخدمات أو الوفاء بالوعود، يصبح من الصعب تحميل المسؤولية لفرد معين لأن اللائحة ككل تتحمل النتيجة. هذا يؤدي إلى ضعف المساءلة والمحاسبة.
  5. تفشي المحسوبية والزبونية: من خلال النظام اللائحي، يتم اختيار بعض الأعضاء بناءً على روابط أو محسوبيات داخل الحزب، وليس بناءً على كفاءتهم أو قدرتهم على خدمة المجتمع. هذا يعزز ممارسات الزبونية التي تؤثر سلبًا على فاعلية العمل البرلماني وتهدر الفرص للمرشحين الأكثر كفاءة.
  6. إضعاف التعددية السياسية: في النظام اللائحي، يكون الحزب الذي يضم رجال أعمال هو الأكثر استفادة، ما قد يجعل الأحزاب الصغيرة أو المستقلة تعاني من قلة تمثيلها، حتى وإن كانت تقدم أفكارًا جديدة أو بدائل قوية. هذا يقيد التعددية السياسية ويجعل الساحة السياسية أكثر احتكارًا.

إذا كانت الانتخابات تُجرى بنظام الاقتراع الفردي، يمكن للناخبين أن يختاروا المرشحين الذين يشعرون أنهم يمثلونهم بشكل أفضل. هذا النظام يعزز التنافسية ويقلل من التأثيرات غير الصحية التي يمكن أن ترافق اللوائح الانتخابية، ويمنح الناس فرصة أفضل لاختيار المرشحين المؤهلين بناءً على الأداء والكفاءة، بدلًا من الولاءات الحزبية أو التكتلات السياسية.

  1. ضعف التواصل الاجتماعي في الانتخابات اللائحية

الانتخابات عبر اللوائح تفرز مرشحين لا تربطهم علاقة قوية أو مباشرة بالناخبين في دائرتهم. هؤلاء المرشحون غالبًا ما يمثلون أحزابًا سياسية وليسوا أفرادًا معروفين أو مقربين من المجتمع. هذا يساهم في ضعف التواصل الاجتماعي ويقلل من قدرتهم على التعاطي مع القضايا اليومية أو تلبية احتياجات السكان بشكل فعال. في هذا النظام، يتحول التركيز إلى الحزب ككل، مما يجعل هؤلاء الأفراد أقل ارتباطًا بمشاكل الناس وأقل قدرة على توفير الحلول المحلية التي تلبي احتياجات المواطنين بشكل عملي.

في الختام، يظهر أن الانتخابات الفردية تعزز التواصل المباشر والمسؤولية الفردية بين المرشح والناخب، مما يساهم في تحسين جودة التمثيل المحلي وتلبية احتياجات المجتمع. بينما تفرز الانتخابات عن طريق اللوائح مرشحين بعيدين عن هموم الناس اليومية، مما يقلل من قدرتهم على تقديم حلول فعالة لمشاكل المواطنين. وبالتالي، يبدو أن النظام الفردي يشكل الخيار الأفضل لتحقيق تمثيل حقيقي وفعال للمجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى