
دابا ماروك
في مسلسل الدراما السياسية الذي لا ينتهي، ها هي مقاطعة عين السبع بالدار البيضاء تعود للواجهة، ولكن هذه المرة بمطالبة رئيسها، يوسف لحسينية، بحزم حقائبه والمغادرة… والسبب؟ لأن “مصلحة المجلس والساكنة” تقتضي ذلك، طبعًا! فالأغلبية المسيرة قررت، بعد تفكير عميق (أو ربما بعد قراءة فنجان)، أن الحل الوحيد لإنقاذ المقاطعة من الغرق هو التضحية بالقائد، تمامًا كما تفعل الفرق الرياضية عندما تخسر مباريات متتالية، تُغيّر المدرب وتبقى الأزمة!
وبينما يعاني المواطنون من أزمات النقل، البنية التحتية المتداعية، وأرصفة تصلح أكثر لاختبار مهارات القفز الحر، قررت الأغلبية أن المشكل الجوهري يكمن في شخص الرئيس، وليس في تركة ثقيلة من الفساد وسوء التسيير. ولأن الجميع أصبح خبيرًا في “إدارة الأزمات”، فقد جاء البيان صارخًا بضرورة “رص الصفوف” و”توحيد الرؤى”، وكأن الأمر أشبه بفيلم تاريخي يحتاج إلى بطولة جماعية لإنقاذ المقاطعة من عنق الزجاجة.
لكن المثير للسخرية أن الحديث عن “التنمية” و”مواكبة عجلة الإصلاح” تزامن مع اقتراب مواعيد رياضية كبرى، مثل بطولة إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، وكأن هذه الأحداث الكروية ستمنح المقاطعة جرعة سحرية من البنية التحتية والتسيير الجيد! ربما كانت المشكلة الحقيقية أن الجماعة لم تعثر بعد على مدرب قادر على تحويل “فريق المقاطعة” إلى بطل ينافس على صدارة التنمية بدل التذيل في جدول الفشل الإداري.
وأين صحافة “ادفع وأنا معك”؟
وسط هذا المشهد، لا يمكننا تجاهل الدور العظيم لبعض وسائل الإعلام التي تجيد التحول إلى بوق من يدفع أكثر. فمن كان بالأمس “المسير الحكيم”، أصبح اليوم “سبب الكوارث”، فقط لأن الرياح المالية لم تعد تهب في الاتجاه المناسب! هذا النوع من الصحافة، التي يمكن استئجارها مثل سيارة أجرة بدون عداد، يثبت مجددًا أن الحقيقة مسألة ثانوية أمام الأظرفة المغلقة والمكالمات الليلية.
فهل نشهد استقالة درامية تنهي الأزمة، أم أن المسلسل سيستمر بجزء جديد، مع تغيير طفيف في أدوار البطولة؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة!