مجتمع

“كتبية”: من قمة المجد إلى واد الإفلاس

دابا ماروك

شركة “كتبية”، صرح اللحوم المتحول من قمة الإنتاج إلى واد الإفلاس، تبدو اليوم كقطار خرج عن السكة، تسير بسرعة نحو الحائط، مدفوعة بسياسات مالكها النائب البرلماني، الطاهر بيمزاغ، الذي يبدو أنه قرر الاستثمار في كل شيء… إلا في الشركة.

“كتبية”، التي كانت يومًا ما رمزًا للصناعة الغذائية في المغرب، وجدت نفسها اليوم عالقة في دوامة من الأزمات المتراكمة. فقد تدهورت أوضاعها إلى حدّ لم يعد بالإمكان إخفاؤه. فبعدما كان بيمزاغ يديرها وكأنها آلة طباعة أموال، قرر تحويل اهتمامه نحو العقارات السكنية. وكأن صناعة اللحوم لم تعد “مشبعة” بما يكفي لتغذية طموحاته الاستثمارية.

وفي خطوة يُقال إنها “تقشفية”، لكنها في الواقع تبدو كمن يحاول إطفاء حريق بزيت الطهي، قرر الطاهر بيمزاغ تقليص أجور العمال. نعم، لقد وجد الحل في جيوب المستخدمين الذين يواجهون أصلًا صعوبة في ربط أول الشهر بآخره. وببراعة تشريعية، استند إلى بند في اتفاقية الشغل، يُسمح فيه بخفض الأجور مقابل تخفيض ساعات العمل. يبدو أن الإبداع في إدارة الأزمات لدى بيمزاغ يتمثل في توزيع الألم بالتساوي على الجميع، إلا على نفسه.

العمال، بدورهم، استقبلوا هذا القرار كمن يُفاجأ بطبق “بقايا اللحم” بعد أن كانوا ينتظرون وجبة دسمة. فبعد سنوات من العمل المضني، وجدوا أنفسهم أمام واقع جديد: رواتب أقل، ساعات عمل أقل، ومستقبل أكثر ضبابية. لا عجب أن هذا القرار أثار غضبهم. فكيف لهم أن يواجهوا ارتفاع تكاليف المعيشة بينما تُقطع عنهم مصادر رزقهم بهذا الشكل البارد؟

ومع تراجع الحصة السوقية لشركة “كتبية” لصالح منافسين أشدّاء، يبدو أن بيمزاغ يعيش في عالم موازٍ، حيث يعتقد أن الحل لأزمة الشركة يكمن في تحميل العمال عبء فشله الإداري. ربما يحتاج إلى إعادة النظر في كيفية إدارة الأعمال، بدلًا من اتباع سياسة “الهروب إلى الأمام” عبر مشاريع عقارية تزيد الأمور تعقيدًا.

إلى أين تتجه “كتبية”؟ هل ستبقى الشركة قادرة على النهوض من هذه الكبوة؟ أم أنها ستتحول إلى مجرد ذكرى في سوق اللحوم المغربية؟ الأكيد أن بيمزاغ، بصرف النظر عن كونه برلمانيًا أو مستثمرًا، يحتاج إلى دروس عاجلة في كيفية احترام قيمة العمل وكرامة العامل. وإلى أن يحدث ذلك، سيظل الوضع الحالي أشبه بمسرحية هزلية، أبطالها العمال الذين يدفعون الثمن.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى