يا أمة ضحكت من جديتها الأمم!
دابا ماروك
الحبيب المالكي، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وكأنه اكتشف البارود، خرج علينا بتصريح ناري حول “التعلم مدى الحياة”. لا، لا تفرحوا! فهو لم يأتِ ليعلن أن الجميع سيحصل على فرصة تعليمية جديدة دون عناء، بل ليخبرنا أن علينا تصميم إطار مرجعي شامل! أجل، إطار مرجعي. يبدو أن مشكلة التعليم بالمغرب لم تكن في الاكتظاظ، ولا في المناهج المتقادمة، ولا في المدارس المهدمة… بل في غياب هذا الإطار السحري!
في معرض فلسفته عن الموضوع، قال المالكي إن الرقمنة والتكنولوجيا والابتكار فرضت تحديات “المساواة في الفرص”. لوهلة، تخيلنا أننا في بلد طوّر فيه طلبتنا روبوتات تقوم بالزراعة والصناعة، لكن الواقع يعيدنا إلى سؤال بسيط: هل تلك “الفرص الجديدة” ستصل إلى التلاميذ الذين لا يجدون حتى حذاءً يصلح لعبور الأوحال في الشتاء للوصول إلى مدارسهم؟
ثم، بالطبع، مسألة التمويل! هذه الحجة الخالدة التي تُلقى في كل ملف وطني دون استثناء. المالكي يؤكد أن التمويل يحتاج إلى “هيكلة مناسبة لتحسين المردودية”. جميل جدًا، لكن من سيشرح لنا كيف يمكن تحسين مردودية شيء بالكاد موجود؟ أم أن المقصود تحسين مردودية البيانات والعروض البوربوينت التي تُعرض في الندوات؟
المالكي لم ينسَ طبعًا أن يُعرّج على مصطلحات رنانة: “إطار أهداف التنمية المستدامة”، “التزود بالأدوات اللازمة”، “حماية البيئة”، و”الاستثمار في الإنسان”. كل هذه الكلمات قد تكون مقنعة إذا كان الحديث في منتدى دولي، لكننا هنا في المغرب، حيث “التعلم مدى الحياة” يعني، في الغالب، أن يتعلم المواطن كيف يدبر حياته بين الزيادات في الأسعار ونقص الخدمات الأساسية.
وفي النهاية، ختم المالكي بتفاؤل يشبه تفاؤل أم هريرة في انتظار عودة عمر! قال إن “الاستثمار في التعلم هو استثمار في مستقبل مجتمعنا”. ونحن نقول له: “يا سي المالكي، ربما عليكم أولاً الاستثمار في تصليح النوافذ المكسورة في المدارس، ثم ننتقل بعدها إلى التفكير في عالم أكثر ازدهارًا”.
المشهد الأخير: شعب ينتظر حلولًا حقيقية، ومسؤولون يصممون أطرًا مرجعية… وكأن الفجوة بين الطرفين تحتاج إلى “ندوة مدى الحياة”!