مجتمع

حكاية “السبسي” بين الجد والتشريع: حين يتحول الكيف إلى قضية وطنية

دابا ماروك

في مشهد يمكن وصفه بالكوميديا السوداء، يجد مزارعو نبتة القنب الهندي أنفسهم بين مطرقة “القوانين الجديدة” وسندان “السبسي العتيق”. فبينما كانوا بالأمس القريب يراقبون ورش تقنين زراعة القنب الطبي والصناعي بأمل في تحسين أوضاعهم، باتوا اليوم أبطال ملحمة جديدة عنوانها: “الكيف الترفيهي، بين التشريع والتقليد”.

السبسي: من مجرد أداة إلى رمز ثقافي!

“السبسي”، تلك الأنبوبة العجيبة التي لا يمكن أن تجدها إلا في جلسات “الدقة المراكشية” أو على هامش لقاءات السمر الليلي، أصبح اليوم محور جدل تشريعي وسياسي. بعض رؤساء التعاونيات يرون أن تقنين تدخين “السبسي” قد يُحوّل الأمر من عادة “شعبية” إلى مصدر دخل شرعي ومربح. يتحدثون عن “البلدية” كما لو كانت منتجاً وطنياً أصيلاً يستحق علامة تجارية دولية! فبحسبهم، لماذا لا تتحول هذه العادة إلى تجارة مشروعة تدر الأرباح وتنافس الشوكولاته السويسرية أو السجائر الأمريكية؟

القنب الترفيهي: الضبابية تصطدم بالواقع

لكن في الزاوية الأخرى من الحلبة، هناك رؤساء تعاونيات آخرون يقفون في حالة حيرة. يقولون: “ما هذا الاستهلاك الترفيهي الذي تتحدثون عنه؟ هل هو تقنين لتدخين السبسي فقط؟ إذا كان كذلك، فمنعناه لم يوقفه أصلاً!”، ويدعون للتريث قبل فتح هذا الملف على مصراعيه، وكأنهم يخشون أن يتحول النقاش إلى حرب أهلية بين أنصار “الكيف المقنن” ومحبي “الكيف الحر”.

الواقع الاقتصادي أم التحايل الثقافي؟

الغريب أن هؤلاء الرافعين لمطلب التقنين لا يتحدثون كثيراً عن المخاطر الصحية أو الاجتماعية لهذا التحول، بل ينصب تركيزهم على “الفوائد الاقتصادية” التي قد تعود على المزارعين. فهل نحن أمام محاولة لتحويل قضية ثقافية وترفيهية إلى مشروع استثماري؟ أم أن الأمر يتعلق بتصفية حسابات بين من يريدون جعل “الكيف” أداة للتنمية ومن يرونه جزءاً من “الهوية الوطنية” لا يجب العبث بها؟

السؤال الأهم: إلى أين نحن ذاهبون؟

بين النقاشات السياسية والجدل المجتمعي، يبدو أن مصير “الكيف الترفيهي” سيتحدد بين الكواليس الحزبية ومقاهي البرلمان. فهل سنشهد يوماً “سبسي قانوني” معتمد بختم وزارة الصحة؟ أم أن هذا النقاش سيتحول إلى مجرد “دخان في الهواء”، مثلما يحدث عادة مع كل القضايا الكبرى التي تبدأ بشعارات وتنتهي بالصمت؟

في انتظار الإجابة، يبدو أن “السبسي” سيظل سيد الموقف، يجمع بين المزارع والسياسي، وبين القانوني والمخالف، في لوحة مغربية خالصة تجمع بين الجدية والهزل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى