دابا ماروك
في عرض أقرب إلى فيلم كوميدي منه إلى خطاب رسمي، قرر وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، أن يدافع عن المنتخبين وكأنهم فريق من الأبطال الخارقين في مواجهة “أشرار الشعب” الذين يصرون على وصمهم بالفساد. الوزير، وبكل جدية، أفاد أن من يعتقد بوجود فساد واسع بين المنتخبين هو ببساطة “كيخربق”، لأن الإحصائيات الدقيقة (أو كما يعتقد هو) تقول إن 1 ٪ فقط من المنتخبين البالغ عددهم 34 ألفا متورطون في قضايا فساد.
وبينما الوزير يشرح هذه النسبة “المعجزة”، لفت إلى أن البقية يعملون بجدية وشرف، مطالبا الرأي العام بارتداء نظارات وردية لتقدير جهود هؤلاء “الشرفاء”. وبين تصفيق المستشارين البرلمانيين (الذين، بالمصادفة البحتة، هم أنفسهم منتخبون)، بدا وكأن الجميع في جلسة تحفيزية لأبطال التنمية الشفافة.
أما الحديث عن التعميم، فقد بدا وكأنه تهمة خطيرة تستدعي الاستعانة بالقضاء والمصالح الرقابية. الوزير أكد بلهجة صارمة أن الحديث عن فساد شامل هو “تهويل ومبالغة”، وربما على الشعب أن يعتذر عن سوء الفهم!
وعن عدد الجماعات الترابية، أشار لفتيت إلى أن المغرب يضم 1503 جماعات، متسائلا: “هل نريد جماعات قريبة من الساكنة، أم نفضل جماعات بخدمات أكثر جودة؟”، وكأن الموضوع لا يحتمل حلا وسطا، بل هو سؤال وجودي. وبالطبع، لم ينس أن يستشهد بفرنسا، التي لديها 34 ألف جماعة، ربما لتذكيرنا أننا ما زلنا في بداية الطريق إذا أردنا منافسة هذه القوة الجماعاتية العظمى!
وفي ختام العرض، أسهب الوزير في الحديث عن تحديات جغرافية وديموغرافية تواجه المغرب، حيث توجد جماعات بالكاد تسكنها أرواح، وأخرى مزدحمة كعلب السردين. لكنه طمأن الحضور بأن الأمور تحت السيطرة، وأن هناك “مقاربة مرنة” لإعادة ترتيب الحدود، وكأننا في لعبة تركيب مكعبات.
وفي النهاية، يبدو أن على الشعب أن يتوقف عن “التخربيق”، ويكتفي بالتصفيق بحرارة لفريق الأبطال المنتخبين الذين، وفقًا للوزير، ينقذون البلاد بجهودهم الجبارة.