“خوتي، خواتاتي… واضغطوا على زر الجرس باش تشوفوا كل جديد!”
دابا ماروك
مشهد السخرية هنا ليس عاديًا، بل هو مزيج من كوميديا الواقع وألم الخديعة. في زمن أصبح فيه “البوز” سيد الموقف و”زر الجرس” بمثابة بطاقة دعوة لحفل تسول رقمي، يتحول المحتوى المغربي على يوتيوب إلى ملحمة عبثية تليق بروايات كافكا.
البداية: العناوين النارية
“شاهد قبل الحذف!”، “صادم ومؤثر!”، “المنتخب الوطني يُبكي الملايين!”، لتكتشف أن الفيديو عبارة عن خمس دقائق من مقدم الفيديو وهو يقول: “خوتي، هذا مجرد رأيي الشخصي، ولكن شجعونا بلايك واشتراك!”، ثم ينتهي الفيديو دون رأي أو حتى موضوع. الكارثة الأكبر، العناوين التي توهمك أن المنتخب فاز بكأس العالم، لتكتشف أن الفيديو عن مباريات “البلايستيشن”!
النصب السينمائي
أما الكوميديا السوداء، فتجدها عند هؤلاء العباقرة الذين يعرضون “إعلان فيلم سينمائي جديد”، مرفقًا بموسيقى درامية وقصاصات فيديو مبهمة من إنتاج سنة 1992، ليكتشف المتابع البريء أن “الفيلم” مجرد لقطات مكررة من فيديوهات حوادث السير أو كلب يركض خلف كرة.
“البث المباشر الرياضي”… في جهنم الكذب
وهناك الكابوس الحقيقي: المباريات المباشرة. العنوان: “رابط مباراة المغرب ضد البرازيل”، لكن الواقع: بث حي لشخص يجلس في مطبخه، يأكل الكسكس ويقول: “المباراة للأسف مزال ما بداتش… ولكن خوتي ماتنساوش تضغطوا على زر الإعجاب!”، بينما يراقب العداد يتسلق بلا هوادة.
“الأجانب” وصناعة الإعجاب المريب
وهنا تظهر النسخة المستوردة: أجانب يتحدثون بلهجة مكسّرة، يعرضون قصصًا عن تجربتهم مع “الشاي المغربي”، لينتهي الفيديو برسالة طويلة عن حبهم “للدجاج المحمر”. وفي الخلفية؟ ملصق فيلم “مغامرات طرزان” منسوخ بشكل عجيب، في محاولة يائسة لاستدراج عشاق السينما إلى دوامة اللا شيء.
الحلقة المفرغة… زر الجرس ومصير المتابعين
في النهاية، المشهد أشبه بمسرحية عبثية. أبطالها يصرخون: “شاهد الفيديو للنهاية، وعلقوا برأيكم”، بينما هم يعلمون جيدًا أن المتابع البائس لا رأي لديه سوى السؤال الأزلي: “واش هادشي كيضحك ولا يبكي؟”.
إلى متى سيظل زر الجرس رمزًا للولاء الأعمى في هذا السيرك الرقمي؟ ربما حتى يأتي “مؤثر” جديد يبيع لنا الوهم تحت عنوان: “حصريًا: كيف تربح مليون درهم في أسبوع… بلا جهد!”.