مجتمع

المرأة والبيت: مأساة بجدران أربعة

دابا ماروك

إذا كانت “المرأة نصف المجتمع”، فالخبر الذي ساقته الأمم المتحدة يجعلنا نتساءل عن النصف الآخر: هل هو قاتل بالفطرة أم مكتسب؟ تقرير الأمم المتحدة لعام 2023 ليس مجرد أرقام باردة، بل هو صفعة مدوية على وجه الإنسانية. 85 ألف امرأة وفتاة قُتلن بدم بارد، وكأن النساء يُستبدلن مثل البطاريات في جهاز ريموت كنترول!

البيت… بيت الداء!

للوهلة الأولى، قد تظن أن المنزل هو “الملاذ الآمن”، حيث الأحلام، والأطفال، وقهوة الصباح. لكن وفق التقرير، هذا الملاذ يتحول بسهولة إلى ساحة معركة دموية. 60% من النساء القتيلات قُتلن على يد أزواجهن أو أحد أفراد أسرتهن. تخيّل! في بيت من المفترض أن تحتمي فيه المرأة، تجد نفسها مطاردة بسكين المطبخ أو بكلمة جارحة أشد وطأة.

هل هي ظاهرة أم وباء عالمي؟

التقرير يؤكد أن هذه الجرائم عابرة للحدود. من الكاريبي إلى إفريقيا، ومن آسيا إلى أمريكا الوسطى، الجميع متفقون على شيء واحد: استهداف النساء. أليس من المدهش أن تتفق دول تختلف في كل شيء، من الطعام إلى السياسة، على نفس الجريمة؟ يبدو أن هناك “عولمة إجرامية” خاصة بالنساء.

الأرقام تحكي مأساة بلا حل

  • 140 امرأة يومياً تُقتل. هذا الرقم يكفي لملء قاعة سينما يومياً… بالضحايا!
  • واحدة كل 10 دقائق، مما يعني أنك إذا قررت إعداد كوب شاي وفتحت الأخبار، قد تصادف اسم امرأة جديدة قُتلت أثناء تحريكك للسكر في الكوب.

ماذا نفعل؟ نصلي أم نُطالب؟

رغم كل الجهود، يبدو أن الدول تتعامل مع هذه الظاهرة بأسلوب “ما العمل؟”، كما لو أن قتل النساء أمر طبيعي. الحكومات تصدر تشريعات، لكن هل يمكن لقانون مكتوب أن يوقف يداً غاضبة؟ هل تكفي الإعلانات التلفزيونية لتوعية مجتمع يرى في المرأة “ملكاً خاصاً”؟

الضحك على الكارثة

قد يبدو الوضع مأساوياً لدرجة السخرية. كيف نعيش في عالم يصنع الروبوتات الذكية، ويرسل البشر إلى الفضاء، لكنه عاجز عن توفير الأمان للنساء في منازلهن؟

ربما نحتاج إلى قانون عالمي يلزم كل رجل غاضب بوضع “زر تهدئة” على صدره، يُضغط عليه فور تفكيره في العنف. أو لعلنا بحاجة إلى إنشاء “ملاجئ ذكية” للنساء في كل منزل، مثل غرفة سرية تفتح فقط بكود خاص حين يثور الزوج.

الختام: مزيد من الفعل وقليل من الكلمات

حتى لا تتحول هذه الأرقام إلى مجرد فقرة في تقرير العام المقبل، نحتاج إلى ثورة اجتماعية، لا مجرد قوانين تضعها الحكومات وتنساها. المشكلة ليست في التشريع فقط، بل في التربية، في الوعي، وفي كيفية رؤية المجتمع للمرأة. إلى ذلك الحين، سيبقى المنزل مكاناً مخيفاً، وسيبقى العالم يدور حول المرأة… ولكن كضحية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى