إمبراطورية “مونيكا” بالمحمدية: حصن خاص أم دولة داخل الدولة؟
دابا ماروك
في قلب مدينة المحمدية، التي طالما أبهرت زوارها بجمالها وهدوئها، تطفو على السطح قضية تكشف عن عمق التناقضات بين الشعارات الرنانة عن العدل والمساواة وبين الواقع المرير الذي يعيشه المواطن البسيط. الحديث هنا عن إقامة “مونيكا”، تلك القلعة المحصنة التي تضم الفيلات وتحتل جزءاً من شارع الحسن الثاني، مُطلة على البحر، وتبدو وكأنها إمبراطورية مستقلة تُدار بقوانينها الخاصة.
شواطئ للمختارين فقط؟
من الطبيعي أن تتواجد إقامات فاخرة تطل على البحر، فهذا مشهد مألوف في مدن العالم، لكن أن تتحول هذه الإقامات إلى مناطق مغلقة أمام المواطنين، فهذا ليس فقط غير طبيعي، بل يعدُّ استفزازاً صارخاً لروح القانون. البابان المؤديان إلى إقامة “مونيكا”، المُجهزان بحراسة مشددة من شركة خاصة، لم يعودا يقتصران على حماية ساكني الإقامة، بل أصبحا حاجزاً يُبعد المواطنين عن المرور أو حتى الاقتراب من ما يُعتبر “ملكاً عمومياً”.
هل القانون مُعلّق عند بوابات “مونيكا”؟
القوانين المغربية واضحة وصريحة فيما يخص الملك العمومي، والشواطئ جزء لا يتجزأ من هذا الملك. المادة 517 من القانون الجنائي تُعاقب كل من يستولي أو يحاول الاستيلاء على الملك العمومي. المادة 35 من قانون الساحل رقم 81.12 تضمن حق العموم في الولوج إلى الشواطئ والاستمتاع بها، وتُلزم الجهات المختصة بمنع أي تعديات عليه.
لكن يبدو أن “مونيكا” تعيش في بُعد قانوني آخر، حيث تتحول القوانين إلى مجرد شعارات تُعلّق على الحائط بينما يُفرض على المواطنين واقع من التمييز الطبقي الصارخ.
التمييز في أبهى صوره
ما يثير الغضب هنا هو التناقض العلني مع روح القانون والدستور. أليس الدستور المغربي ينص على المساواة بين المواطنين أمام القانون؟ كيف إذن يُسمح لشركة حراسة خاصة بتحويل إقامة سكنية إلى “ثكنة عسكرية” كما يصفها السكان؟ هل نحن أمام حالة استثنائية تُدار فيها الأمور بمنطق “خاص للمختارين”، بينما يُحرم المواطن البسيط حتى من إطلالة عابرة على البحر؟
ماذا عن السلطات؟
السؤال الذي يطرحه الجميع: هل السلطات العليا على علم بهذه الكارثة القانونية؟ إذا كانت تعلم وساكتة، فالمصيبة عظيمة. وإذا كانت لا تعلم، فالمصيبة أعظم! أليس من واجب الجهات المسؤولة مراقبة مثل هذه التجاوزات والتدخل لإعادة الأمور إلى نصابها؟ أم أن “مونيكا” محمية بيد خفية تجعلها فوق القانون؟
ساخرون.. ولكن غاضبون!
تصوروا لو قررنا أن نحول كل شاطئ إلى ملكية خاصة؟ سيجد المواطن المغربي نفسه في المستقبل يكتفي برؤية البحر في الصور التذكارية أو الأفلام الوثائقية! ربما نحتاج إلى “جواز مرور بحري” أو رخصة خاصة تُمنح فقط لمن يملك حساباً بنكياً بالدولار!
مطالب عاجلة
- فتح تحقيق فوري: يجب على السلطات المحلية والإقليمية فتح تحقيق في هذه القضية واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد أي جهة متورطة.
- إزالة الحواجز غير القانونية: يجب إزالة جميع الحواجز التي تعيق ولوج المواطنين إلى الملك العمومي.
- محاسبة المتورطين: إن ثبت تورط أي جهة في هذا التجاوز، فلا بد من محاسبتها علناً وبالقانون.
- تعزيز الرقابة على الملك العمومي: لمنع تكرار هذه التجاوزات في أي مكان آخر.
ختاماً:
إذا استمر الحال على ما هو عليه، فربما علينا أن نستعد لظهور “دول مستقلة” أخرى داخل المدن المغربية، كل منها بقانونها الخاص وجيشها الخاص، بينما يُترك المواطن العادي يتفرج على وطنه يتحول إلى قطع متناثرة من الامتيازات المحجوزة. والآن، يا أصحاب القرار، الكرة في ملعبكم. فهل ستتحركون؟ أم أن صمتكم سيُفسّر كعلامة رضى؟