سياسة

المسيرة الخضراء: 49 سنة من الإيمان بالحق والعدالة

دابا ماروك

من باب الصدفة، يتزامن حدث مع الأيام القليلة التي تسبق الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء، حدث يعد رمزا من رموز عزم المغرب على استرجاع أراضيه الصحراوية. ففي الوقت الذي كانت الجزائر مشغولة في التفاوض على طاولة الأمم المتحدة حول النزاع في الصحراء المغربية، تزامنت مواقف بعض الدول الكبرى مع مشهد يعبّر عن تباين في الأدوار والمواقف في إطار مجلس الأمن الدولي.

في جلسة مجلس الأمن حول قضية الصحراء، امتنعت كل من روسيا والموزمبيق عن التصويت على القرار الذي يمدد ولاية بعثة “المينورسو” لمدة عام، وهو ما يعتبر سابقة تكشف عن تصدع في التحالفات القديمة، وخصوصا بين الأطراف التي تساند الموقف الجزائري. ورغم أن القرار لاقى دعماً واسعاً من 12 دولة بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، بقي الموقف الجزائري غارقًا في حالة من الفشل السياسي. فبينما كان باقي الأعضاء يتقدمون بخطوات ملموسة نحو تحقيق استقرار في المنطقة، اختارت الجزائر أن تغادر قاعة التصويت كأنها قد فشلت في اجتياز اختبار سياسي كانت قد توقعته.

وقد أظهرت تصريحات المندوب الأمريكي في هذا السياق كيف أن واشنطن قد قررت تعزيز دورها في عملية السلام بالصحراء المغربية، حيث أشاد المندوب الأمريكي بجهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، مما ألقى الضوء على التباين بين المواقف المختلفة، ودور أمريكا البارز في دفع العملية السياسية قدما. الولايات المتحدة، من خلال هذا الموقف، أرادت إرسال رسالة ضمنية مفادها أن هناك من ينجز المهام بنجاح، بينما الجزائر، في المقابل، لا تزال في دوامة من التحولات السطحية، بعيدة عن أي حلول حقيقية وفعّالة.

بينما كانت الجزائر تراقب الأحداث من بعيد، كانت تتمنى لو أنها تستطيع تغيير مجرى الأمور، لكن الواقع كان يفرض عليها دور المتفرج. مشهدٌ محبط في ظل تطورات كبيرة تكشف عن انقشاع الغبار حول موقفها السياسي الذي أصبح في كثير من الأحيان غير ذي تأثير.

الجزائر اليوم، كما في السابق، تحتاج إلى إعادة النظر في استراتيجياتها، خاصة في ظل التطورات السياسية التي تشهدها المنطقة. بدلاً من التمسك بمواقف طائشة أو الانسحاب من الطاولة الدولية، يجب عليها العودة إلى المفاوضات بروح جديدة، تتجاوز التصعيد السياسي والتكتيكات التي تركز على مواجهة المغرب، وتعيد النظر في مقاربتها لهذا النزاع المفتوح الذي لا يحقق لها سوى المزيد من العزلة. التغيير لن يأتي من وراء جدران المكاتب أو في صالات المؤتمرات، بل من خلال اعتراف حقيقي بالواقع والعمل على تغييره من خلال الحوار البناء.

وفي ظل تصاعد الأحداث السياسية والمواقف الدولية الداعمة للمغرب، لا بد أن نذكر أن الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء، التي تحل اليوم في السادس من نوفمبر 2024، تمثل لحظة مفصلية في التاريخ الوطني للمغرب، وتعيد التأكيد على العزم الراسخ للمملكة في استرجاع أراضيها الصحراوية. بينما يواصل المغرب تعزيز مواقفه في الساحة الدولية، لا يزال السؤال قائماً حول ما إذا كانت الجزائر ستعيد تقييم أوراقها أم ستستمر في السير في نفس الطريق الذي يفضي بها إلى مزيد من العزلة على الساحة السياسية الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى