نور الدين بناني: تكريم قادم لرائد الكاريكاتير المغربي في الدورة السابعة من المهرجان الدولي للكاريكاتير بأفريقيا
دابا ماروك
يُعتبر فن الكاريكاتور أحد أشكال التعبير الفني الفريدة التي تجمع بين الرسم والسخرية، حيث يتم تصوير الشخصيات والأحداث بطريقة مبالغ فيها تهدف إلى إيصال رسالة اجتماعية أو سياسية. منذ نشأته، لعب الكاريكاتور دورًا بارزًا في تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية والتعليق عليها، مما يجعله أداة قوية للتغيير والتوعية. يتجاوز الكاريكاتور الحدود اللغوية والثقافية، ليعكس روح العصر ويعبر عن آراء المجتمع بطرق ممتعة وذكية.
في السياق ذاته، يستعد المهرجان الدولي للكاريكاتير في إفريقيا لدورته السابعة، كما هو معتاد، لتكريم رواد هذا الفن. بعد تكريم الفنانين لمهادي ابراهيم والعربي الصبان وحمودة وأنافلوس ومحمد الفيلالي والبهالي حميد في الدورة السابقة، جاء الدور هذا العام لتكريم الفنان نور الدين بناني، الذي يعتبر أحد أعمدة ومؤسسي فن الكاريكاتير في المغرب، وخصوصًا أنه عمل في الأسبوعية الساخرة “أخبار السوق”. يُعبر هذا التكريم عن الاعتراف بما قدمه من أعمال قيمة أسهمت في إثراء الساحة الثقافية والفنية الوطنية.
وفي إطار التكريم، تم تخصيص مسابقة خاصة للبورتريه الكاريكاتيري، حيث يتنافس الفنانون على تجسيد شخصية الفنان نور الدين بناني وفق رؤاهم الفنية وأساليبهم الإبداعية.
تحمل هذه الدورة السابعة من المهرجان موضوعًا رئيسيًا بعنوان “الأمن الغذائي”، حيث يشكل هذا الموضوع أهمية قصوى في وقتنا الراهن، مما يستدعي قرارات كبيرة.
وُلد نور الدين بناني في عام 1954 بمدينة بو زكارن، إقليم كلميم، ونشأ في حي بورغون بالدار البيضاء، حيث درس في المدارس الفرنسية التي عرفت بثرائها الثقافي. تأثر بالثقافة البصرية من خلال مكتبات “ليسي البوطي” التي كانت تحتوي على مجلات الأشرطة المرسومة وكاتالوجات لوحات فنية عالمية. كما كان عضوًا في هيئة تحرير المجلة الداخلية التي كانت تصدرها جمعية آباء التلاميذ تحت اسم APE، والتي ضمت مقالات ورسوم كاريكاتورية من إنجاز الأساتذة والتلاميذ.
نور الدين بناني فنان يعمل في الظل، يتمتع بشخصية خجولة وروح دعابة لا تفارقه. على الرغم من تكوينه الفرانكفوني، إلا أنه يمتلك ثقافة شعبية غنية تعزز تعبيره وتواصله مع مختلف الفئات الثقافية والاجتماعية في المغرب.
حصل بناني على شهادة البكالوريا التقنية من Lycée Lyautey في الدار البيضاء، ثم تابع دراسته في مجال الأتمتة وتنظيم الكهرباء في IUT – غرينوبل بفرنسا.
أسس وأدار ورشة العمل ATAP، التي تعنى بالرسوم المتحركة والإعلانات وإنتاج الأفلام القصيرة في المركز السينمائي المغربي. كما عمل مدرسًا للكاريكاتير في المدرسة العليا للفنون الجميلة (ESBA) بالدار البيضاء، حيث أسس قسمًا خاصًا بالقصص المصورة.
بدأت مسيرته كرسام كاريكاتير في الجريدة الساخرة “Satirix” حيث تعاون مع رواد الفن مثل محمد الفيلالي والبهالي حميد والعربي الصبان. كما عمل في “أخبار السوق” و”لو جورنال” والأسبوعية الساخرة “لو كانار ليبريه”، بالإضافة إلى مجلة “الشرارة” وجريدة “Libération”.
تتوزع رسوماته في العديد من المجلات والكتب والملصقات الإعلانية، وهو مؤلف للعديد من الأشرطة المرسومة ذات الأغراض المدنية. تبقى بصمته واضحة على الأجيال التي عايشت إبداعاته، مما يجعل تكريمه من قبل المهرجان الدولي للكاريكاتير في إفريقيا لعام 2024 يستحق الاحتفاء به.